صراحة نيوز-بقلم: فهد فايز العملة
حين يتحوّل التصوير الفوتوغرافي من فن إلى رسالة، ومن توثيق إلى شهادة تاريخية، نكون أمام عملٍ استثنائي يجمع بين البصر والبصيرة، بين الإنسان والوطن، بين اللحظة والزمن. هذا تمامًا ما يقدمه المصور الأردني القدير يوسف العلان في كتابه الجديد “على العهد”، الذي صدر مؤخرًا كتوثيق بصري وإنساني لمسيرة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، خلال أكثر من 23 عامًا من القيادة الحكيمة.
الكتاب ليس مجرّد سجل للصور أو أرشيف للزيارات الرسمية، بل هو رحلة بصريه لا نابضة بالحياة، تنقل القارئ عبر مشاهد إنسانية عميقة تلتقط ملامح جلالته في أحلك الظروف وأجمل اللحظات، في البادية والمخيم والقرية، في المحافل الدولية، وبين رفاق السلاح، وفي لحظات الانصات والتفاعل مع المواطن البسيط، في وطنٍ لم يتوقف عن النبض بالأمل رغم العواصف والتحديات.
عدسة العلان لم تكن عدسة صحفي يبحث عن لقطة، بل عين مخلصة راقبت التاريخ من مسافة قريبة، وشهدت اللحظة في عمقها، والتقطت نبضًا حيًا في أكثر من مليوني صورة لجلالة الملك، كثير منها لم يُنشر من قبل، ليخرج هذا الكتاب كأرشيف حيّ يوثق اليوبيل الفضي لحكم جلالته، بروح محبة وعين أمينة.
“على العهد” يتجاوز كونه كتابًا توثيقيًا، ليكون وثيقة وطنية وإنسانية، تستعرض مراحل من الإنجاز، وجهود الإصلاح، والانتصار للقيم العروبية، لا سيما في دعم القضية الفلسطينية، حيث يظهر جلالته في لحظات حاسمة كصوت عربي قوي ومؤثر في مواجهة صمت العالم، دفاعًا عن الحقوق والعدالة.
ويكتسب الكتاب بعدًا خاصًا حين يسرد العلان، في مقدمته، تجربته المهنية والشخصية مع جلالته، والتي اختُتمت بكلمات ملكية حانية: “يوسف، لازم تعرف إنك صديق، ولست موظفًا فقط”. عبارة تختزل معنى العلاقة الهاشمية مع كل من يخدم الوطن بإخلاص، وتؤكد على القيمة الأخلاقية والإنسانية العالية التي ينهض بها هذا العمل.
المتأمل في فصول الكتاب يجد أنه لا يوثق فقط مسيرة قائد، بل يؤرّخ لوجدان شعب، وهوية وطن، وحكمة ملك، ويجعل من الصورة وثيقة، ومن اللحظة سيرة، ومن الكاميرا جسراً بين القيادة والشعب.
“على العهد” هو مرآة تفيض بالنبل والوفاء، وهدية بصرية خالدة للأجيال القادمة، تروي قصة قائد بقي دائمًا في الصف الأول من نبض الأمة، وحارسًا أمينًا لمصالحها وقيمها