صراحة نيوز- بقلم / محمد جمعة الخضير
المعارضة المنظّمة، مهما اختلفت السياقات حول سياساتها ومواقفها، تظل طرفًا قابلًا للحوار والنقد والتفاعل ضمن أدوات العمل السياسي الشرعي ، أما العمل على محاربتها او تقويضها فلن يؤدي إلى إنهاء حقيقة وجود الاعتراضات ومسبباتها ، بل يُعيد توجيهها نحو الغضب، فيُصبح الصوت المعارض أكثر عدوانية وأقل قابلية للتفاوض، لا سيما حينما تشكل المعارضة حقبة تاريخية من عمر الدولة وتمثل تيارًا سياسيًا عقائديًا ذا روافد متدفقة أثبتت التجربة التاريخية فشل تقويضها أو تقديم بديل عنها أو حتى ندٍ قادرٍ على مجاراة ظلها، فكيف إذًا بمقارعتها؟
وقد يُدفع أحيانًا بمحاولة استيعابها أو تقليمها في سياق الظروف والتفاعلات أما الذهاب إلى خطوات يظن صانعوها أنها قادرة على اقتلاعها، فهذا وهم ورسمٌ على الماء ، وحتى فكرة التخلص من المعارضة، فإن موادها تُحفّز على نشوء ما يمكن تسميته بـ “حزب الساخطين” الذين لا يعارضون السياسات والمواقف فحسب، بل يُعادون المنظومة بأكملها ، ولا يتيح واقع تضييق المجال العام في تجاربهم السابقة حلولًا سوى الحلول الصفرية في حالة ستُشكّل مساحةً لتغذية هذا الغضب، تُسهم في تعاظمهم أكثر بكثير من أن تخرج خارج هذا الهيكل غير القابل للحوار أو القبول في أدوات العمل السياسي والمشاركة التقليدية في الحياة العامة.
هذا المناخ السلطوي لن يلقي بظلاله على طرف سياسي يمثل الجزء الأكبر من المعارضة المنظّمة فحسب، بل سيتعدى ذلك إلى دوائر أخرى من المناصرين والمتعاطفين، و”حزب الكنبة”، وما يمثله من ألوان لا تخلو من مظلمة أو رأي يتناقض مع وقائع الممارسة السياسية، ويعاضدهم بذلك بقايا المثقفين غير المعروضين للبيع كل ذلك يُسهم بظلاله الثقيلة وبعتمته في تشكّل ثابت أكثر حدة، يقف على اعتبار فقدان الثقة واضطراب دائم في توجّسه من الآخر الذي لم يعد يمتلك قوة الاستقطاب التي اتّسم بها سابقًا، مما يجعله ينغمس في سلطويته التي، في التحولات الأخيرة، شهدت تراجعًا في معاقله التاريخية.