كيف أرثيك، أبي؟

3 د للقراءة
3 د للقراءة
كيف أرثيك، أبي؟

صراحة نيوز- بقلم: المحامي أسامة محمد أبو عنزة

مرَّ عام على رحيلك، فأمسكتُ قلمي لأكتب رثائي، وأبثّ لك حزني… لكن
كيف أرثيك، أبي؟
فهل ترثي الروحُ روحها؟
كيف أرثيك، أبي، ورحيلك قصة عظيمة وكبيرة كسرتني وهزّتني؟
كيف أرثيك، أبي، ورحيلك حكاية حزنٍ دائمة؟
كيف أرثيك، أبي، ورحيلك وجعٌ لا يُقال، وفراغٌ لا يُملأ؟
كيف أرثيك، أبي، ورحيلك ألمٌ اجتاح جوارحي، ألمٌ لا يذهب ولا ينتهي؟
برحيلك، أبي، فقدتُ طمأنينة حياتي، وفقدتُ دفءَ أيامي، فقدتُ صوتك وابتسامتك، فقدتُ حنانك، فقدتُ راحة البال والسعادة.
لن أنسى، يا أبي، تلك اللحظة التي توقّف فيها قلبك الحنون عن الخفقان.
عندها سقط قلبي، وشعرتُ أن الزمن توقّف.
كم كنتُ أعتصر ألمًا على فراقك…
ولن أنسى رجفة قلبي… تلك الرجفة التي لازمتني وستلازمني طول العمر.
كيف أنسى تلك اللحظة، والناس من حولي يقولون: “عظّم الله أجركم”؟
ما أصعبها من لحظة، وما أقساها.
وكم هو مؤلم أن تشتاق لمن لا تملك له إلا الدعاء.
نعم، اشتقتُ لك، أبي، شوقًا لا تسعه النفس، بل أنفس الدنيا.
لك شوقٌ يا أبي لا أستطيع أن أعبّر عنه، لأنه ألم… برحيلك.
إنه ألم الانكسار، آهٍ منه… ما أقساه من ألم.
آه، كم أشتاق لك، أبي…
أشتاق إلى صوتك، إلى رفقتك، إلى كل لحظة معك.
أشتاق إلى ذلك القلب الحنون الذي كان يملأ حياتي راحة وأمانًا.
اشتقت إلى صوتك، إلى جلستك، إلى نسمتك، إلى كلامك، إلى كل… وكل…
فما أصعب الشوق!
وما أثقل الرحيل على القلب والروح.
كأني، برحيلك، أبي، أصبحتُ عجوزًا ينتظر بقية عمره دون شغف أو أمل.
لا تلوموني… فحجم وجعي بفراقك، أبي، لا يُقاس بكلمة أو موقف.
إن حجم وجعي يُقاس بالقلب والروح، وألمهما لا مقياس له.
نعم، أبي… رحيلك وفقدانك وجعٌ لا يُقال،
وفراغٌ لا يُملأ، وغصّة لا تزول، ورجفةٌ تعصر القلب ألمًا.
نعم، أبي، رحيلك حكاية حزنٍ دائمة، وقصة ألمٍ باقية.
لكن لا أقول إلا كما أمرنا ربُّ العزة، ورسولنا الكريم، بالدعاء: اللهم ارحم والدي رحمةً تسع السماوات والأرض،
اللهم اجزه عنا خير ما جزيتَ والدًا عن أولاده، وخير ما جزيتَ محسنًا عن إحسانه.
واملأ قبره نورًا وضياءً ونعيمًا،
واجعل الجنة داره،
واغفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر،
وهَب له نعيمًا ورضوانًا وسرورًا إلى يوم يُبعثون.
اللهم آمين… والحمد لله رب العالمين.

Share This Article