اللمز والغمز .. من الدروز لا يجوز

8 د للقراءة
8 د للقراءة
اللمز والغمز .. من الدروز لا يجوز

صراحة نيوز- عوض ضيف الله الملاحمة

وصل عدد سكان الوطن العربي حالياً الى ( ٤٧٣ ) مليون نسمة ، ويشكلون حوالي ( ٥٪؜ ) من سكان العالم . رغم حبي للعرب وللعروبة لكن لمواقفهم المتخاذلة ، ولتشتتهم ، أقول الله لا يبارك فيكم ، ولا يحفظكم ، ( حِزمة بَعِرْ ) ، وغُثاء كغثاء السيل كما وصفكم رسولنا العظيم الكريم محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام .

أرى انه يسهل علينا في أقطارنا العربية كافة الطعن ، والتشويه ، والتخوين ، والتشكيك بالفئات الأقل عدداً في المجتمعات العربية ( ولا أقول أقليات ) الأقل عدداً عرقياً ، او دينياً ، او مذهبياً .

كُلٌ يكتسب عِرقه ، او ديانته ، او مذهبه بالوراثة . إذاً ما ذنب من ينتسب بالوراثة الى عِرق او دين او طائفة او مذهب ؟

التوازن مطلوب في الأوطان عند إدارتها ، كما التوازن الكيميائي في الجسم . كُلٌ يؤدي دوره بتوازنٍ عجيب فريد ليعكس عظمة الخالق سبحانه وتعالى .

يجب ان يكون المقياس الوحيد للمفاضلة بين مكونات المجتمع يتمثل في الولاء ، والإنتماء ، والعطاء للوطن .

كل انسان يحب ، وينتمي الى ما فُطر عليه ، مع انه لم يختره ، فأنا مثلاً اعشق عروبتي مع انني لم أختر ان اكون عربيا . وأعشق وطني مع انني لم أختر ان أكون أردنياً . وأعشق ديني الإسلام ، مع انني لم أختر ان أكون مسلماً . وأعشق الكرك ، مع انني لم أختر ان أكون كركياً ، بل وأعشق قريتي ( زحوم ) مع انني لم أختر ان أكون ( زحومياً ) .

للعرب الدروز تاريخ مُشرِّف ، وهم مناضلون أشداء ، وتصدّوا للإستعمار ببسالة عزّ نظيرها . وهم عرب أقحاح ، لا يشوب تاريخهم شائبة . وبمجرد ذكر إسم المناضل / سلطان باشا الأطرش يكفي عن ذِكر أية تفاصيل أخرى . الذي حكم عليه الإستعمار الفرنسي بالإعدام لشراسة مقاومته كقائد للثورة السورية الكبرى عام ١٩٢٥ . مما إضطره لمغادرة سوريا ليقضي ( ٤ ) سنوات في الكرك ، بدءاً من عام ١٩٣٢ . وتسابقت العائلات والعشائر الكركية على إستضافته كبطل للثورة السورية ضد الإستعمار . فأقام الأطرش وعائلته بداية في منزلي / حسين وعطا الله الطراونة ، ثم في ديوان المجالي ، وبعدها في بيت / جريس الحدادين ، أحد وجهاء الكرك المسيحيين . لم ينظر أهل الكرك اليه كدرزي ، بل رأوه رمزاً من رموز الكرامة العربية ، في مواجهة إستعمار أجنبي ، بل شعروا انهم شركاء مع أهل جبل العرب ضمن وحدة بلاد الشام .

أتدرون لماذا عمل الدروز في جيش الإحتلال ؟ إضطروا للعمل لان الإحتلال صادر كافة أراضيهم ، وجلسوا لسنوات طويلة بدون عمل ، فعانوا من جوعٍ وفقرٍ مُدقِع . وحاولوا بكافة السبل مع سلطات الاحتلال لإيجاد مصادر للرزق لهم . إلا ان الإحتلال أغلق كافة منافذ الرزق عنهم . وسمح لهم بالإنخراط بجيش العدو ، مما إضطرهم للعمل فيه مُكرهين ، ليتمكنوا من العيش .

أرى انه من الضروري ان أوضح بانني لا أُبرر لهم الإنخراط في جيش العدو ، ولست موافقاً عليه ، بل أرفضه بشدة ، لكن هذا هو الواقع . وعندما نفكر عقلانياً ومنطقياً : فإن الدروز في الأراضي المحتلة ليسوا هم لوحدهم ، بل هناك من فلسطينيي عام ٤٨ يعملون في جيش الإحتلال ، رغم وجود فرص عمل أخرى أمامهم . كما ان الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة ، كان اعتمادهم على العمل كمهنيين وعمال في الأراضي المحتلة عام ٤٨ في بناء المستعمرات الصهيونية . فلماذا نجد لهم المبرر ، ولا نبرر للطائفة الدرزية في الأراضي المحتلة ؟

القراء الكرام ، ارجو ملاحظة انني عندما أكتب أراعي الدقة ، والصِحة ، والإمانة ، والمنطق ، والحيادية فيما أكتب ، وهذا قد يزعج بعض القراء الكرام عندما لا يتناسب طرحي المنطقي مع قناعاتهم ، لكنني لا أقدر الا ان أكون كما أنا دوماً صادقاً ، وأميناً ، وحيادياً في نقل المعلومة ، لأنها أمانة في عنقي .

بداية علينا ان لا ننسى أن أحد مرتكزات عظمة سوريا الوطن ، والقطر العربي ، يكمن في تنوع فسيفساء المجتمع السوري . ثراء ، وعظمة المجتمع السوري تكمن في تعدد اعراقه ، ودياناته ، ومذاهبه . وقد تعايشوا ، بل وانصهروا طيلة قرون طويلة جداً ، ولم يعرف عنهم التعصب ، ولا التحيز لأية جهة ، بل كانوا مجتمعاً متحضراً ، منتجاً ، مبدعاً ، متعايشاً ، يقدر ، ويحترم كل طرف الأطراف والمكونات الأخرى ، وكلهم منصهرون في بوتقة الوطن الأم سوريا العظيمة .

ما حدث في السويداء ، إحدى المحافظات السورية الحبيبة ، تمت شيطنته ، وإستغلاله من العدو الصهيوني ، ومن السفهاء السخفاء من كل المكونات فجرى تضخيمه ليصل لدرجة التناحر والإقتتال مع الأسف .

دروز السويداء لهم ثلاثة مشايخ عقل لإدارة شؤون الطائفة ، ويتطلب اي إجراء او مطالبة رسمية توقيع الثلاثة شيوخ ، هم : الشيخ /يوسف جربوع ، والشيخ / حمود الحناوي ، والشيخ / حكمت الهجري .

إرتكب الشيخ / حكمت الهجري خيانة عظمى عندما إستنجد بالعدو الصهيوني لحماية الطائفة الدرزية في السويداء . وأيده بعض من رجالاته المقربين ، بل وأيده بعض يسير من الدروز في الأراضي المحتلة . لكن شيخ دروز الأراضي المحتلة ، الشيخ / موفق طريف لم يؤيده ، وطلب منه التهدئة . أما الشيخ/ يوسف جربوع ، والشيخ / حمود الحناوي من شيوخ السويداء عارضوه تماماً ، واعتبروا ذلك خيانة . كما ان الشيخ / وليد جنبلاط ، والشيخ / طلال أرسلان ، فقد أصدرا تصريحات واضحة بإتهام الشيخ / حكمت الهجري بالخيانة . بينما أيده ودعمه الشيخ / وئام وهاب . وقال الشيخ / جنبلاط انه لا خطر على دروز سوريا الا من العدو الصهيوني . كما قال : ان دروز السويداء وقبائل البدو يتمتعون بعلاقات تاريخية طيبة على مدى قرون ، ولن نسمح للهجري ان يستقوي بالعدو الصهيوني ضد أشقائنا البدو . كما قال : ان الدروز شرفاء لا يمثلهم الهجري وأشكاله .

القراء الكرام ، من الواجب ، والضروري على كل مواطن ان يحترم تنوع وتعدد واختلاف الأعراق والأديان في وطنه ، لانهم كلهم مواطنون ، وجميعهم يجتمعون تحت سقف الوطن . والمقياس الوحيد للتفضيل بينهم كأفراد — ولا تفضيل بينهم كجماعات — ان يكون بمقياس ، الإنتماء ، والولاء ، والعطاء للوطن ، فقط .

علينا ان ندرك بانه لا يوجد اتباع دين ، ولا طائفة ، ولا عرق الا ويكون بينهم عملاء وخونه وفاسدين . وهنا من الحكمة والعقل والوطنية أولاً انه اذا كان هناك خائن او مجموعة خونة من طائفة ، او عرق ، او دين ، من الإنصاف ، والحق ، والدين ان نلجأ لمحاكمة الأشخاص الخونة او العملاء الذين أساؤا للوطن كأشخاص ، وليس كمجموعة كطائفة ، او عِرق ، لأنه ليس للمجموعة ذنب ، فيما اقترفه البعض . وديننا الحنيف العظيم يقول لنا في الآية الكريمة : ( ولا تزِرُ وازرةٌ وزِرَ أخرى ) صدق الله العظيم .

Share This Article