صراحة نيوز-كتبت مساعد نائب رئيس مجلس النواب هدى نفاع
في خضم واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية التي يشهدها التاريخ المعاصر، حيث تُباد غزة على مرأى ومسمع من العالم، وقف الأردن كعادته في صف المبدأ والحق، دون أن يبحث عن شكر أو مجد، بل استجابة لنداء الضمير والواجب.
منذ الأيام الأولى للعدوان الوحشي على قطاع غزة، لم يتردد الأردن، بقيادة جلالة_الملك عبدالله الثاني، في التحرك العاجل لتقديم كل ما يمكن من دعم ميداني، إنساني، وطبي. فقد تحركت القوافل الأردنية، وفتحت المستشفيات الميدانية أبوابها، وتحرك سلاح الجو الملكي محلقًا فوق الموت لإسقاط المساعدات على من تقطعت بهم السبل في شمال القطاع، في مشهد يجمع بين الشهامة الأردنية والرجولة العسكرية والإنسانية العميقة.
ومع ذلك، خرجت بين حين وآخر أصوات ناعقة، مشبعة بالجحود والنكران، تحاول بائسة التقليل من الدور الأردني الأصيل، تارة بالتشكيك، وتارة أخرى بالتحريف أو التجاهل المتعمد.
لكن الحقيقة لا يحجبها الظلام
، والجهود لا تمحوها سموم وسواد الأقلام
حقائق لا تُنكر: الدور الأردني في غزة
جسر إنساني دائم:
أكثر من 55 قافلة إغاثية أردنية حتى الآن، محمّلة بالغذاء والدواء والمياه.
دعم متواصل بإشراف مباشر من الهيئة الخيرية الهاشمية، والقوات المسلحة الأردنية.
مستشفيات ميدانية متقدمة:
إنشاء وتشغيل 3 مستشفيات ميدانية في غزة والضفة، تعمل ليلًا ونهارًا لمعالجة الجرحى وسط ظروف قاسية.
تقديم آلاف العمليات الجراحية والإسعافات في ظل نقص حاد في المعدات والأدوية.
عمليات الإنزال الجوي:
تنفيذ عشرات عمليات الإنزال الجوي للمساعدات عبر طائرات سلاح الجو الملكي، في أصعب ظروف الحرب، وهو جهد غير مسبوق على مستوى الإقليم.
موقف سياسي وإنساني ثابت:
خطاب جلالة الملك في البرلمان الأوروبي يونيو 2025 كان أشد المواقف الأخلاقية وضوحًا، حين قال: “أصبح ما كان يُعدّ جريمة قبل عشرين شهرًا أمرًا مألوفًا، لم يكتف الأردن بالمساعدات، بل كان صوتًا صارخًا في وجه التخاذل الدولي.
تشويه المواقف النبيلة… إفلاس لا أكثر
إن من يحاول تشويه الدور الأردني في تقديم المساعدات الانسانية، هو جاهل بالواقع، وأسير لأجندة مريضة، لا ترى إلا ما يوافق أهواءها، فهل يُعقل أن يُهاجَم بلدٌ يقدّم دماء أبنائه لعلاج أبناء فلسطين، لمجرد أنه لا يهوى استعراض العدسات أو المزايدات الإعلامية؟
الأردن لم يدّعِ البطولة، لكنه مارسها بصمت وأخلاق. لم يخرج قادته إلى المنابر يتباهون، بل تركوا الأفعال تتحدث عنهم، كما اعتادوا في كل محنة تمر بها الأمة.
أين كنتم أنتم؟
من يهاجم الدور الأردني ويحاول تشويهه أو التقليل من أثره، لا يمكن إلا أن يُسأل سؤالًا بسيطًا:
وماذا قدمتم أنتم؟
هؤلاء أنفسهم الذين يملؤون الفضاء ضجيجًا، لم يُعرف عنهم في هذه المحنة إلا الصمت، لم يرسلوا رغيف خبز، ولا شربة ماء، ولا ضمادة جرح، ولا حتى كلمة صدق. اكتفوا بالهجوم على من يعمل، والتشكيك في من يقدّم.
في حين أن الأردنيين، قيادة وشعبًا، كانوا وما زالوا في خنادق الفعل، لا هرطقات ولغو الكلام، يتقدمون إلى الميدان بقلوبهم وأيديهم لا بالشعارات.
الأردن في وجه العاصفة… ثابت لن يتراجع
الأردن ليس طارئًا على القضية الفلسطينية، بل هو العمق التاريخي والسياسي والإنساني لها. ومن لا يدرك هذه الحقيقة، فمشكلته في فهم التاريخ،
ولتنعق الغربان كما تريد، فالأردن باقٍ بعزيمته، وإنسانيته، ورسالته الأخلاقية لا يبتغي شكرًا على ما قدم ولا يحتاج لشهادة على جراح الاخوة، لأن الدم الأردني المختلط بتراب فلسطين أبلغ من كل تعليق.