باســـم البــقور يكــتب: الغزيّون،،، ما بين مقامرة حماس وعدو لا يرحم

6 د للقراءة
6 د للقراءة
باســـم البــقور يكــتب: الغزيّون،،، ما بين مقامرة حماس وعدو لا يرحم

صراحة نيوز-بقلم/ باســـم البــقور

في خضم تلاحمية الإنسان الفلسطيني مع الأرض بعد أن باعوهم أمراء الحرب من الفصائل المبعثرة لمصير عبثي، باســـم البــقور يكــتب: الغزيّون،،، ما بين مقامرة حماس وعدو لا يرحموالآلام المشهد العاطفي والسياسي والأخلاقي، فمجرمي الحرب في آلة الموت التي يدير عجلاتها اليمين الإسرائيلي المتطرف التهموا بنهم كل القيم البشرية، فأختلطت الدماء مع آهات الاستغاثة لطلب أدنى درجات حاجات البشر:الأمن و الغذاء والماء. الأبرياء اليوم يبعثون في صعيد واحد تماما كما في مشاهد أفلام نهاية العالم، يسيرون بعيون شاخصة إلى السماء بإنتظار الخلاص ولا خيار أمامهم سوى كي الجراح والبحث عن أغطية الموت الأبيض والتراب المنهار لإسداله على قبور تحمل شواهد بلا أسماء ولا عناوين ولا حتى تواريخ  وفاة القبور.

بلا أية قيمة المئات من الأنفس والأروح تختفي من الحياة يوميا وبدون سابق إنذار، تحت الأفعال الإجرامية الصهيونية في قطاع غزة، حيث تتدافع النفس الغزيّة ذهابا وإيابا راكضة إلى الحياة المرجوة هاربة من الموت المحتوم بين مطرقة فصائل العبث وسندان اليمين الصهيوني المتطرف .

عانى الغزيّ لإكثر من سنتين معاناة كبيرة ما بين أحقيته بالحياة وما بين حسابات الوهم في جهادية حماس التي راهنت على ما تبقى من آمال  الشعب الفلسطيني لصالح الأجهزة التي هيمنت على صناعة القرار فيها ، فتعنتت ومضت بقرار الرهان الذي أدعت أنه من نسج عقلها حتى أزهقت أكثر من ستين ألف نفس وخلّفت خلفها اليتامى والثكالى، وفقدت آلاف العائلات كل مؤشرات الحياة والوجود، تحت ذريعة “تحرير فلسطين”، لتكون النتيجة دمار غزة بشريا وبنيويا.

والمثير للدهشة أن أهل غزة في الداخل يعانون من الفقد والجوع والتهجير والعطش، ولا زالت عصابات إعلام الموت من خارجها يتغنّون بالمقاومة، إنها شبكات إعلامية تتقن قلب الصورة ولا تخجل من تلحين الموت بمعزوفات شتى بمعزل عن الإنسانية في دواخل الحرب، وفقط يشاهدون بتجرد المعاناة الغزاوية بصورة الانتصار الفضائي الإعلامي، وبتغاض مقصود عن حجم المعاناة الأولى والأفدح من نوعها في القرن الحالي.

أشبعوا عقولنا بروايات الانتصار الكاذبة وأوقعوا مجتمعاتنا في حبائل قدسية الغزوات، فهنا كمين، وهناك تفجير دبابة، وما بينهما من قتل عسكري صهيوني أو أكثر، وأستدرجوا الجمهور للإيمان بأن ما يحصل هي حرب متكافئة لا عملية إبادة جماعية، وهو ما رأيناه حيث الصورة الكاملة تشي بالنهاية إلى اكتمال المخطط الصهيوني، وبالطبع هناك خسائر إسرائيلية يضخمها أضعافا مضاعفة الإعلام المشبوه والمأجور لخداعنا أكثر بحماس وتبريرالمجازر الإسرائيلية .
أهلكت القصة أهل  غزة والصورة أقوى من الف كلمة، فالماء مفقود وكسرة الخبز موعودة وحبة الدواء معدومة، والأرجل تتراكض باحثة عن نفحة الحياة، وآخرون من خلف الميكروفانات والكاميرات يتشدقون بالصمود والثبات ولغة الانتصار وكأن إسرائيل لم تحقق مرادها وأكثر .

قالها المجرم نتنياهو ومن خلفه منظومته الليكودية :” 7 أكتوبر فعلة حماس ستغير شكل الشرق الأوسط”، وفعلا انتهت حماس وشل حزب  الله  وانقلبت سوريا إلى سنية الشرع ولُطِم نووي ايران وتبخرت قياداته العسكرية و الاستخبارية، وما زلنا نشهد استباحت سوريا وجنوب لبنان بعنجهية إسرائيل.

مغامرة حماس إلى أين أوصلت شعب غزة؟ سؤال سيتنطح له الكثيرون ممن يختارون أوقات نومهم بأريحية مقابل افتراش الغزاوي للأرض والتحافه السماء، بمرور فصول الصيف والشتاء، سيتنطح له صاحب الوجبات السريعة، ومسائيات المطاعم الفارهة مقابل قتالية الغزاوي لحفنة قمح مخلوط بالتراب وقطرة ماء، سيتنطح له الممتعظ من أسعار المشتقات النفطية مقابل حطبات تنتظرشرارات لأكلة غزاوية تسد الأفواه والبطون، سيتنطح له الناقدون لأدوارالأردن الإغاثية بينما قمامتهم مليئة بزوائد الأطعمة وفواتيرها المتكدسة.

قضي الأمر، ومن لم يدرك المخطط بعد كل هذا السعار والجنون فقضيته معنا لم يعد يجدي نقاشها إلا في مصحة عقلية، فقد تحمّل الارذنيون وقيادتهم كل موجات العبث ومفردات إستدراج الشعوب للفتن ، وأدركوا أن خطابات التجارة بالدين والتلاعب بمفرداته ما هي إلا أداة بيد ميليشيات بثوب الإسلام السياسي ، فلا ينبري أحد لنا بمفاهيم الجهاد، وأن قتال المحتل فرض عين، والمقاومة ضرورة لازمة، وإيراد الآيات عن شرعية قتال اليهود.

ولنكف عن تحميل الفلسطينيين ما يهلكهم فوق الهلاك الذي أودوه إليه ميليشيات تجار الدين، خطاب عاطفي بلا أي عمل ولا حكمة ولا عقل أهلك أرضهم ونسلهم، لحظة أعتقد الفصيل أنه كيان مكتمل النمو فأنفصل عن الواقع ومحيطه فكأن حماس دولة نووية، وبالحقيقة هي فصيل يعاني من العزلة السياسية والهيمنة على المفاهيم وأخطرها احتكار مفهوم المقاومة، وهو ما سهل عملية رهن التنظيم لأول ممول خارجي فكانت التبعية لإيران وتجاهل شركاؤه من أبناء شعبه وترك نفسه ليخدع بكذبة توازن الردع مع القوة الإسرائيلية، فضاعت حماس بين المقاومة المشروعة والمقامرة السياسية، فأنتهزت إسرائيل الفرصة وأجهزت على غزة وشعبها وحماسها .

بالأصل نحن لا نملك أية خيارات لإنهاء الإبادة في غزة ففقد خدعتنا إسرائيل وحماس على السواء، وها هم يتناوبون بتبادل أدوار منح الذرائع لبعضهما البعض لإستمرار الموت ، وإسرائيل ماضية في مخططاتها كما خطط من اليوم الأول للسابع من أكتوبر، وهي حقيقة واضحة، ومن يتغاضى عنها بحجة استسلامية وهي أن ” حماس فكرة والفكرة لا تموت”وأن “7 اكتوبر كشف هشاشة إسرائيل” يجرم بحق أهل غزة بل ويروج لماكنة القتل الإسرائيلية ويعطيها شرعية الاستمرار في الهدم والقتل ما دامت المقاومة الباسلة تحقق الانتصارات!!!

إسرائيل غير بريئة لا بل مجرمة بعقليتها الدموية التوسعية وتطرفها الليكودي،كارهة لمنطق السلام والاعتدال، رافضة لإنسانية الفلسطيني وحقه في الحياة، يتمسكون بفكرة أنهم شعب الله المختار، وتحليل قتل الآخر في أرض إسرائيل. ثوابت في الذهنية الصهيونية والخطاب الديني، ولكن الحقيقة التي لا يتقبلها أهل المقاومة الصوتية في بلداننا وشيوخ المنابر أن حماس منحت إسرائيل الضوء الأخضر والمبرر لاستباحة  غزة “بغزوة” 7 أكتوبر.

 

Share This Article