الهوية كأداء حكومي: التعديل الوزاري المرحلة الثانية دخلت حيز التنفيذين

2 د للقراءة
2 د للقراءة
الهوية كأداء حكومي: التعديل الوزاري المرحلة الثانية دخلت حيز التنفيذين

صراحة نيوز – لا تعني الهوية الوطنية أن نرفع شعارات متكررة، ولا أن نحتمي بتاريخ طويل دون أن نُفعّل أدواته. في الدول الرصينة، تصبح الهوية فعلًا سياسيًا وإداريًا يوميًا، تُجسده السياسات العامة، وتثبته القرارات التي تُنصف الكفاءة وتعيد الاعتبار للعدالة.

من هنا، يُمكن قراءة التعديل الوزاري الأخير في حكومة الدكتور جعفر حسان ليس بوصفه مجرد تصحيح مسار إداري، بل كبوابة إلى تجديد علاقة الدولة بهويتها، وبمواطنيها على السواء.

لقد حمل التعديل خروج عشرة وزراء ودخول تسعة آخرين، غالبيتهم من أصحاب التخصص والخبرة الميدانية في قطاعاتهم. وفي دولة مثل الأردن، حيث ظلت الهوية الوطنية لعقود رهينة التوازنات لا الأداء، فإن إسناد المسؤولية على أساس الكفاءة لا يُعد فقط قرارًا تقنيًا، بل فعل سيادي يعيد الاعتبار لفكرة الانتماء المنتج، لا الانتماء القائم على الوراثة أو الامتياز.

فحين يُعيَّن وزير للنقل يحمل دكتوراه في هندسة المرور، وآخر للبيئة بخبرة إقليمية حقيقية، وثالث للاستثمار خرج من عمق الرؤية الاقتصادية، فهذا يعني أن الدولة بدأت — ولو جزئيًا — تتحول من هُوية تصف نفسها، إلى هُوية تُثبت نفسها بالفعل.

من هو الأردني في ضوء هذا التحول؟

الأردني، كما ترسمه هذه التغييرات، ليس ابن قبيلة أو جهة أو طبقة فقط، بل ابن كفاءة. وكلما اقتربت الحكومة من هذا التصور في بناء فرقها التنفيذية، كلما اقتربنا من تحرير الهوية من سطوة الخطابة، وإعادة إنتاجها كعقد اجتماعي متجدد.

وهنا، تتقاطع مضامين كتاب التكليف السامي مع جوهر هذه الفكرة: لم يعد مطلوبًا من الحكومة أن “تتحدث عن الهوية”، بل أن “تُمارسها” من خلال عدالة الاختيار، وشفافية الإنجاز، وإتاحة الفرص على قاعدة الجدارة لا القرابة.

من الهوية كرمز… إلى الهوية كنظام تشغيل

ربما آن الأوان أن نُعيد تعريف الهوية الوطنية الأردنية ليس كمجموعة رموز فقط، بل كنظام تشغيل يومي للدولة:

في طريقة تعيين المسؤول،

وفي آليات تقديم الخدمة،

وفي وضوح الخيارات الكبرى للدولة.

كل قرار حكومي عادل هو تثبيت للهوية.
كل إنجاز حقيقي يشعر به المواطن هو تعزيز للانتماء.
وكل مسؤول يُحاسب عند التقصير هو ضمان لاستمرار عقد الثقة بين الدولة وأبنائها.

Share This Article