صراحة نيوز- عوض ضيف الله الملاحمة
رسالة هامة وعاجلة لكل أصحاب الإختصاص ، عمّان تختنق . عمّان السير فيها يتوقف بدل ان يتدفق بسهولة ويسر ، حتى يتمكن الناس من التنقل والحركة بيسر لينجزوا اعمالهم ، ويشتروا حاجياتهم ، ويتزاوروا ويتواصلوا ، ويشاركون بعضهم في أفراحهم وأتراحهم .
عمّان تختنق ، وتغص بإزدحامات سير خانقة ، مُربكة ، مُزعجة ، مُكلفة . أصبح العمّانيون لا يتحكمون بوقتهم ، ولا يلتزمون بمواعيدهم ، ولا يصلون وجهاتهم بالوقت المحدد . أصبح من الطبيعي ان يستغرق تنقلك من منطقة الى أخرى داخل عمّان ساعة او ساعة ونصف زيادة عن الوقت الطبيعي أحياناً . أُقسم لكم انني أوصلت صديق لي قبل عدة سنوات من مستشفى البشر الى سفريات الشمال وقد استغرق وقت الذهاب فقط ( ٣,٥ ) ساعة .
أصبح من المألوف ان تتاخر عن موعدك المحدد بنصف ساعة او ساعة . مواعيد الناس إرتبكت ، ومصداقيتهم تبخرت ، والكل بدا وكأنه مستهتر لا يعرف للوقت قيمة في نظر من لا يعرفون الإزدحامات في شوارع عمّان ، حتى لو عُرف عن بعض الناس إحترامهم للموعد حدّ التقديس . الأطباء يعانون في عياداتهم ، والمسؤولون ترتبك وتتداخل جداول اعمالهم اليومية . والكثير من الناس يفوتهم حضور الجاهات ، وطلعات العرايس لان زمنها قصير ، والالتزام بها عسير ، ويتعرض الكثير من الناس للإحراج عندما يصل الجاهة والناس تودع بعضها ، او فاردة العروس وقد غادرت ولم يؤدِ الواجب الإجتماعي . وصرف المحروقات يزداد ويشكل عبئاً على دخل الأسرة . الى متى ؟ وهل هناك من أمل بحلول ناجعة ؟
لا شك ان هكذا إزدحامات تصيب عمّان في كل مفاصلها ، لا تنتج الا عن إختلالات تنظيمية ، وإدارية ، ومرورية كبيرة وعظيمة وخطيرة متراكمة منذ عقود طويلة .
وصل إزدحام السير في عمّان الى درجات مُقلقة ، ومتعبة ، ومرهقة ، ومُكلفة . عندما تسير في شوراع العاصمة عمان راكباً او راجلاً او مُطلاً من علٍ ، تجد انك أمام سَدّْ عظيم وليس سيل جارف ناتج عن إعصار خطير . لأن السيل لا يعيقه او يوقفه شيء وهو يتدفق في مسيره ، إما السير في عمّان يشبه السَدّْ يحصل أن يتوقف توقفاً تاماً ، او ( يدبي دبي ) اي يسير ببطء شديد أقرب للتوقف منه الى الحركة .
والغريب انك تجد المواقف مليئة ومزدحمة لا بل وباصطفافات مزدوجة واحياناً ثلاثية ، كما تجد ان هذا قافز فوق رصيف ، وآخر أغلق مسرباً كاملاً من الشارع ، وغيره أطبق سيارته خلف سيارات متوقفة حسب الأصول في مواقف نظامية ، او أغلق مدخل كراج لأحد المنازل . كما تجد ان محلات الميكانيك ممتلئة بالسيارات ، ومواقف المنازل الخاصة ممتلئة ، أما الشوارع سواء كانت رئيسية او فرعية فانك تجد انها كما الفيضان .
الشوارع ضيقة بسبب سوء تخطيط منذ زمن طويل ، حيث كانوا يعتقدون ان عمّان ستبقى قرية . وأمانة عمّان يستحيل عليها ان تتمكن من دفع تعويضات تُحسب بعشرات المليارات لتوسيع الشوارع .
لا حلّ مطلقاً الا بإقتباس حلول من تجارب دول الغرب ، بتفعيل دور المواصلات العامة على شكل حافلات نقل عام ، بحيث تتميز بالحداثة ، والدقة في المواعيد ، والتقارب في مواعيد الانطلاق بحيث لا يزيد الوقت بين إنطلاق الحافلات عن ( ١٠ ) دقائق ، وأن تصل الى كافة مفاصل عمّان .
لو تم ذلك انا واثق من أن نصف السيارات الخاصة سيستغني عنها أصحابها ، إذا ضمنوا الوصول إلى أعمالهم عن طريق الحافلات العامة . خاصة الشباب الذين يتم تعيينهم حديثاً وبرواتب تقل عن ( ٤٠٠ ) دينار شهرياً ، لأن الشاب يُجبر على شراء سيارة بالتقسيط عن طريق البنوك حتى لا يتأخر عن مواعيد عمله ويكون عُرضة للفصل .
أُقسم لكم ، ان إبنتي عندما ذهبت الى بريطانيا للدراسة للحصول على درجة الدكتوراة عام ٢٠١١ ، انها حجزت مواعيد رحلات الطيران عمّان / فرانكفورت / مانشستر ، كما حجزت رحلة القطار من مانشستر الى مدينة يورك — حيث تكون جامعتها — في شهر ٢٠١١/٤ ، مع ان سفرها في شهر ٢٠١١/١١ . واستقلت القطار في موعده المحدد منذ حوالي ( ٧ ) شهور .
يبدو ان الباص — الذي سُميّ سريعاً — لن يكون الحلّ مطلقاً ، بالرغم من كلفته الخيالية ، وطول مدة التنفيذ المُعيبة .
وهنا أرى ان نقتبس مما شاهدته قبل أكثر من ( ٤٠ ) عاماً في بانكوك ، لتقليل كلفة عمل طرق خاصة بالحافلات سريعة التردد ، وسرعة في الإنجاز ، وتجنب تضييق الشوارع بخسارتها مسارب كاملة مما زاد الأمر سوءاً . حيث شاهدت انهم ينشؤون شوارع فوق بعضها تكون من طابقين ممتدة عشرات الكيلومترات ، مقامة على ثلاثة أعمدة : عامود إسمنتي على الرصيف الأيمن ، وعامود على الرصيف الأيسر ، وعامود في الجزيرة الوسطية . وبهذا لا نحتاج لنقل البنية التحتية مثل : الكهرباء ، والمياه ، والمجاري ، والإتصالات وخلافه . لو تم تنفيذ خطوط سير الباص السريع الحالي بهذه الطريقة ، أعتقد ان الكلفة لن تزيد عن نصف الكلفة ، ولتم إنجاز المشروع في عام او عامين على أبعد تقدير .
إرحمونا ، انقذوا عمّان ، بادروا ، فكِّروا ، إستخدموا إسلوب العصف الذهني ، فكِّروا خارج الصندوق ، حَلِّلوا رواتبكم ، عبِّروا عن إنتمائكم لوطنكم ، إعملوا لآخرتكم ، جرِّبوا متعة الإخلاص بالعمل ، تذوقوا طعم الإحساس بالإنجاز ، تميزوا . تهاونتم عقوداً طويلة ، وهان الوطن وانحدر ، وشقي المواطن وأصبح الضنك رفيقه الذي لا يفارقه .
وأختم بآية من القرآن الكريم ، وحديث نبوي شريف :—
— قال تعالى : (( وتلك الجنةُ التي أُرِثتموها بما كنتم تعلمون )) صدق الله العظيم .
— وقال سيدنا محمد ( ص ) : (( إن الله تعالى يُحب إذا عمِل أحدكم عملاً ان يُتقنه )) . عمّان أمانة في رقابكم جميعاً ، يكفيها خذلاناً ، وتهاوناً ، وإستهتاراً ، وسوءاً في التخطيط .