صراحة نيوز – فلاح الصغيّر
في ظلّ الظّروف الصّعبة الّتي تمرُّ بها غزّة، تساءل البعض عن جدوى تنظيم مهرجان طعام في عمّان، بل طالب بعضهم بإلغائه باعتبار أنَّ توقيته لا يناسب الحدث.
من وجهة نظري، أرى أن هذه الفعاليّة لم تكن يومًا مجرّد مناسبة ترفيهيّة، بل كانت استجابةً عمليّةً تستند إلى الواجبَيْن: الوطنيّ والإنسانيّ.
ولم يكُن العديد على علمٍ بأنّه قد تمَّ تخصيص ريع مهرجان الطّعام الأردنيّ بالكامل لدعم غزّة، وكان هدفه من الأساس تحويل الفعل التّضامنيّ من مجرّد تعاطف إلى مساهمة مباشرة.
حقيقةً، لم يكن المهرجان مظهرًا احتفاليًّا منفصلًا عن الواقع، بل مثّل منصّة تجمع بين دعم الاقتصاد المحليّ ومساندة الأشقّاء في غزّة في ظلِّ هذه الظّروف الّتي لم يشهد العالم مثيلاً لها في العصر الحديث.
وفي ذات السّياق، انطلقت الفعاليّة لتدعم القطاع التّجاريّ المحليّ والمطاعم الأردنيّة الّتي تواجه تحدّيات اقتصاديّة خانقة خلال السّنوات الأخيرة، والّتي أدّت إلى تعثّر وإغلاق العديد من المشاريع، وسرعان ما تحوّلت إلى مبادرة وطنيّة وإنسانيّة تعبّر عن عمق الالتزام الشّعبي الأردنيّ تجاه القضيّة الفلسطينيّة.
وقد وضع منظّمو المهرجان غزّة في قلب الحدث، فقاموا بتخصيص ريع التّذاكر لدعمها، وتمّ إرسال ما يزيد عن 300 طنّ من المواد الغذائيّة والطّبيّة لأهلنا هناك، في خطوةٍ ملموسةٍ تفوق أثر الشّعارات والخطابات.
فضلًا عن الجانب الإنسانيّ، ساهم المهرجان في إيصال رسالة إعلاميّة تعكس استقرار الأردن وقدرته على تنظيم فعاليّات نوعيّة رغم الأزمات لدعم مشاريع الشّباب والسّيّدات في الأردنّ، وهو ما يُعزّز الثّقة بالاقتصاد الوطنيّ، ويُشجّع الاستثمار والسّياحة الدّاخليّة والخارجيّة.
وطننا العزيز، الأردن، لم يتخلف يومًا عن نصرة غزّة، سياسيًّا وإنسانيًّا وطبّيًّا، وما يقدّمه الشّعب الأردنيّ على أرض الواقع، بصمت وكبرياء، يُثبت أنّ التّضامن الحقيقيّ يُعبّر عنه بالفعل، لا بالمزايدات والشّعارات المنسلخة عن الواقع.
ختاماً، من ضروري، بل من المسلّمات، أنْ نُدرك بأنَّ دعم الاقتصاد المحليّ هو دعم غير مباشر لفلسطين، لأنَّ الأردن القويّ اقتصاديًّا هو وحده القادر على مواصلة دوره الرّياديّ والثّابت تجاه قضاياه العروبيٌة، وعلى رأسها القضيّة الفلسطينيّة.