صراحة نيوز – المهندس مدحت الخطيب
في زمن الالتباس السياسي والانهيارات الأخلاقية لبعض الأنظمة والمواقف التي أصبحت توجع القلب حيال ما يحدث في غزة وفلسطين، يخرج صوت الأردن، صافيًا ثابتًا، صادقًا، ليقول ما لا يجرؤ كثيرون على قوله من تحت الطاولة ومن فوقها : لا تهجير بعد اليوم، ولا وطن بديل، بل عودة ودولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف..
هذا ليس شعارًا عابرًا يقال في المناسبات، بل عقيدة وطنية ترسّخت في ضمير الدولة الأردنية منذ تأسيسها، وتأكدت بدماء الشهداء في اللطرون وباب الواد، وتُروى يوميًا بمواقف القيادة الهاشمية والشعب الأردني العظيم، واستعداد الجيش العربي والأجهزة الأمنية الأردنية لحماية حدودنا..
نعم الأردن: ليس عبئًا بل حارس للتاريخ والجغرافيا
فلم تكن فلسطين يومًا «قضية خارجية» بالنسبة للأردن، بل هي جزء من وجداننا وهويتنا الوطنية، انطلاقا من القدس التي يرعاها الهاشميون، إلى المخيمات التي احتضنت النكبة ولم تنسَ العودة، إلى الجيش العربي الذي سطّر ملحمة الكرامة، فلم يتغيّر موقف الأردن، ولم تنحنِ رايته بعون الله..
اليوم يكثر كلام المتطرفين الصهاينة ودقاقي الطبل من أبناء جلدتنا عن الوطن البديل والتهجير القسري لأهلنا في غزة وفلسطين فكلما ظنّ المتربصون أن الظروف باتت مواتية لفرض مشاريع تصفوية مشبوهة، يخرج الأردن ليعيدهم إلى نقطة الصفر:
«شعارنا الدائم هو الذود عن الأردن وفلسطين ولسان الجميع يقول لا للوطن البديل، لا للتوطين، ولا للتفريط بالحق الفلسطيني، ونعم للعودة والدولة الفلسطينية المستقلة على تراب فلسطين»..
نقول للمتربصين والمشككين وتجار القلم والدولار دروس الكرامة لم تُنس، ومن يروّج أن الزمن قد تجاوز مفاهيم «التحرير» و»الكرامة» و»السيادة» فهو واهم و لم يقرأ جيدًا تاريخ الأردن…
فحرب الكرامة لم تكن مجرّد معركة عسكرية انتصر فيها الجيش الأردني، بل كانت إعلانًا صارخًا أن هذا البلد الصغير بحجمه، كبير بإرادته، لا يقبل المساومة على الأرض ولا على الحقوق ولا على الكرامة..
واليوم، من جديد، يحاول البعض اللعب على وتر «البدائل» و»الحلول الوظيفية»، لكنهم يصطدمون بجدار وطني صلب اسمه الأردن.
من هنا لا تمر الصفقات، ولا تنجح الضغوط، ولا يُباع التاريخ في المزاد السياسي…
فقيادة تقول وتعمل… وشعب يُجسد ذلك على الواقع.
فليس صدفة أن يقف الملك عبد الله الثاني في كل منبر دولي ليذكّر العالم أن القدس خط أحمر، وأن القضية الفلسطينية ليست ورقة للتفاوض، بل جوهر الصراع.
وليس غريبًا أن يحتضن الشعب الأردني إخوته الفلسطينيين دون أن يتنازل أحد عن هويته، ولا عن حلم العودة…
وليس مستغربًا أن يبقى الجيش العربي الأردني على أهبة الاستعداد، لأن المعركة لم تنتهِ، والحق لم يُستوفَ بعد فطريق التحرير رسمت على نهر الأردن..
في الختام أقول قبح الله وجه كل من يراهن على تعب الشعوب أو غفلتها أو قابليتها للتطبيع، ولنا في الأردن نهج دين وديدن :
لا تهجير بعد الآن، ولا وطن بديل، بل عودة ودولة.
ومن لم يتّعظ من الكرامة، فعليه أن يعيد حساباته، لأن التاريخ لا يرحم، والأردن لا يساوم بل يكسر أيادي العابثين…
م مدحت الخطيب
Medhat_505@yahoo.com