صراحة نيوز -د.زهور غرايبة تكتب
لم أتأخر في الكتابة عن يوم الشباب الدولي لغياب الرغبة أو لعدم إدراك أهمية هذا اليوم العالمي الذي تحتفي به الأمم سنويًا، بل تأخرت لأنني رغبت أن أعكس من خلاله واقع حال شباب بلدي، وما يواجهونه من إقصاء وتأخير في إشراكهم في مواقع القيادة وصناعة القرار، على الرغم من وجود خطاب سياسي صريح وواضح من قبل الإرادة السياسية العليا يدعو إلى تفعيل دور الشباب وإشراكهم في مختلف مجالات الحياة العامة والسياسية.
لا يخفى على أحد أن الإرادة السياسية العليا في الأردن أولت الشباب مكانة خاصة، وأكدت مرارًا على دورهم الحيوي باعتبارهم ركيزة الحاضر وقوة المستقبل. وقد ترجمت هذه الإرادة عبر أوراق نقاشية ملكية، وتوجيهات متكررة للحكومات بضرورة تمكين الشباب. ومع ذلك، فإن ما يحدث على أرض الواقع لا يعكس هذا التوجه بالشكل المطلوب، حيث يُستثنى الشباب والشابات من مواقع مؤثرة في مؤسسات الدولة، أو يُمنح حضورهم شكليًا دون صلاحيات حقيقية.
الشباب الأردني اليوم، ذكورًا وإناثًا، يعانون من التهميش والإقصاء من قبل بعض الفاعلين السياسيين والاجتماعيين أنفسهم، وكأن هناك حالة من التوجس من قدرتهم على إحداث التغيير. يتم التعامل معهم بوصفهم مستقبلًا لا حاضرًا، فتُحجب عنهم فرص القيادة والمشاركة الحقيقية، ويُحصر دورهم في أنشطة ثانوية أو مناسبات احتفالية، دون تمكين فعلي في مواقع صنع القرار.
هذا الواقع يتعارض مع نصوص الدستور الأردني، الذي يُعد هرم التشريعات، وقد جاء واضحًا في تأكيده على أهمية تمكين الشباب والنساء في مختلف المجالات. فالدستور لا يضع تمكين الشباب باعتباره ترفًا أو خيارًا سياسيًا، بل باعتباره حقًا دستوريًا وواجبًا على الدولة ومؤسساتها. وفي ظل الموارد المتاحة والفرص الممكنة، لا يوجد ما يبرر استمرار التهميش، خاصة وأن الشباب يبدون جاهزية عالية، ويملكون طاقات وخبرات تؤهلهم لتحمل المسؤولية.
لقد تعب الشباب من الوعود والخطابات التي لا تُترجم إلى أفعال. وهم يدركون أن وطنهم بحاجة إليهم أكثر من أي وقت مضى، في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتزايدة. ومع ذلك، يبقون محاصرين بين خطاب رسمي داعم وممارسات تنفيذية تعيق اندماجهم، وهذه المفارقة تضعف ثقتهم بالمؤسسات وتفتح الباب أمام العزوف عن المشاركة السياسية أو البحث عن بدائل خارج الإطار الوطني.
في يوم الشباب الدولي، كان الأجدر أن نحتفي بإنجازات شبابنا في مواقع قيادية ومؤثرة، لا أن نكتب عن معاناتهم من التهميش. ومع ذلك، يبقى الأمل قائمًا بأن تتحول الإرادة السياسية العليا من مجرد توجيه إلى ممارسة مؤسسية راسخة، تعيد الاعتبار لدور الشباب والشابات، وتفتح أمامهم الأبواب للمشاركة الحقيقية في صياغة مستقبل الأردن.