صراحة نيوز-أسامة القضاة
اختتمت جمعية معهد تضامن النساء الأردني فعاليات حفل تخريج المشاركات في دورات التدريب المهني المنفذة ضمن مشروع “سياساتلمناهضة العنف في بيئة وعالم العمل – مسارات آمنة” بدعم من الصندوق الأفريقي لتنمية المرأة بحضور نخبة من الشركاء والمستفيداتوممثلي المؤسسات الداعمة.
وأكّدت المديرة التنفيذية ومستشارة تضامن الأستاذة إنعام عشا في كلمتها أن التوزيع الجغرافي للمستفيدات من مشروع “مسارات آمنة”لم يكن مقتصرًا على العاصمة عمان، بل شمل المحافظات والأطراف، وهو ما يعكس حرص الجمعية على الوصول إلى النساء في مختلفالمناطق، خاصة في المجتمعات التي قد تقل فيها فرص التدريب والعمل، وأوضحت أن هذا النهج يعزز العدالة في إتاحة الفرص ويضمن أنتستفيد جميع النساء، بغض النظر عن مواقع سكنهن، من برامج التمكين والتدريب المهني.
وأضافت أن الهدف من المشروع هو أن تكون كل المسارات المهنية والتعليمية آمنة، بحيث تستطيع المرأة أن تخطو خطواتها في بيئة عملتحترم كرامتها وتوفر لها الحماية من أي أشكال العنف أو التمييز، وربطت ذلك بضرورة أن يسود الاستقرار والأمان في المنطقة، مؤكدة أن مايحدث في فلسطين وغزة والسودان وغيرها من الدول التي تمر بأزمات يذكّرنا بأهمية التضامن الإنساني، وأن السلام العادل والشاملينعكس على حياة النساء والأسر والمجتمعات.
كما أشارت إلى أن جمعية تضامن، منذ تأسيسها عام 1998، وضعت على عاتقها دعم النساء وتعزيز مشاركتهن في مختلف مجالاتالحياة، سواء من خلال التدريب أو رفع الوعي أو المناصرة، مؤكدة أن تمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا هو جزء أساسي من تحقيق التنميةالمستدامة في الأردن، خاصة وأن النساء يشكلن ما يقارب 60% من خريجي التعليم الجامعي و60.4% من طلبة الماجستير و57.1% من طلبة الدكتوراه، إلا أن معدل مشاركتهن الاقتصادية لا يتجاوز 14.9% مقارنة بـ53.4% للرجال، بفجوة تصل إلى 38.5 نقطة مئوية،وهو ما يجعل مثل هذه البرامج التدريبية ضرورة وطنية.
وأوضحت رنا أبو السندس، مسؤولة البرامج والأنشطة في الجمعية ومديرة المشروع، أن النساء هن الفئة الأكثر تأثرًا بالتحديات التي تواجهالمجتمع، وخاصة تلك المرتبطة بالتمكين الاقتصادي ودخول سوق العمل، وأشارت إلى أن العوائق التي تواجه النساء لا تقتصر على نقصالفرص، بل تشمل أيضًا ضعف الوصول إلى الموارد، وغياب التدريب المناسب، ووجود معايير اجتماعية تحد من مشاركتهن الفاعلة في الحياةالاقتصادية، وهو ما يفسر ارتفاع معدل البطالة بين النساء إلى 32.9% عام 2024، أي أكثر من ضعف المعدل العام، رغم استحداث نحو30 ألف فرصة عمل للإناث مقابل أكثر من 65 ألف فرصة للذكور.
وأكدت أن جمعية تضامن تعمل، من خلال مشروع “مسارات آمنة”، على تعزيز المشاركة الحقيقية للمرأة في مختلف مجالات الحياة، ليسفقط عبر تقديم التدريبات، بل أيضًا من خلال تمكينها من اتخاذ القرارات والوصول إلى مواقع صنع القرار، بما يسهم في تحسين نوعيةحياتها وحياة أسرتها والمجتمع من حولها.
وبيّنت أبو السندس أن المشروع شمل مجموعة من التدريبات المهنية العملية التي استهدفت محافظات عمان وإربد والزرقاء، مثل دورة صيانةالأجهزة الخلوية ودورة التصوير الاحترافية، وهي تدريبات مصممة لتزويد النساء بمهارات مباشرة تؤهلهن لدخول سوق العمل بثقة وقدرةعلى المنافسة، مما يحقق لهن الاستقلالية الاقتصادية ويفتح أمامهن آفاقًا جديدة لمشاريعهن الخاصة أو الالتحاق بالوظائف المتاحة. وأضافت أن التدريب لا يقتصر على الجانب المهني فقط، بل يتضمن أيضًا بناء الثقة بالنفس، وتعزيز مهارات التواصل، وتحفيز المشاركاتعلى التفكير الريادي، بحيث يصب هذا كله في إطار رؤية الجمعية لخلق مسارات آمنة ومستدامة للنساء في بيئة العمل، بما ينسجم معأهداف رؤية التحديث الاقتصادي التي تسعى لرفع نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة إلى 28% بحلول عام 2033.
واشتملت الجلسة الأولى على عرض برنامج التدريب المهني وأثره على مشاركة الشابات في سوق العمل حيث قدّمت آمال أبو سيف، صاحبةمؤسسة “آمال أبو سيف للخدمات الهندسية”، عرضًا حول تجربة دورة صيانة الأجهزة الخلوية التي نفذتها الجمعية ضمن مشروع “مساراتآمنة”. وأوضحت أن هذه الدورة لم تكن مجرد تدريب تقني، بل كانت فرصة عملية لتغيير مسار حياة العديد من المشاركات، حيث حصلن علىتدريب متكامل يجمع بين الجانب النظري لفهم آلية عمل الأجهزة، والجانب العملي الذي مكّنهن من ممارسة الصيانة فعليًا.
وبيّنت أن هذه المهارة الجديدة فتحت أمام المشاركات آفاقًا اقتصادية واعدة، سواء من خلال العمل الحر وفتح مشاريع صغيرة أو من خلالالالتحاق بسوق العمل في هذا المجال، إضافة إلى نشر ثقافة الصيانة الذاتية وتقليل الاعتماد على مزودي الخدمات الخارجيين، وأشارت إلىأن تمكين المرأة في مجالات تقنية غير تقليدية يعزز حضورها في مهن يسيطر عليها الرجال غالبًا، مما يرسخ مبدأ المساواة في الفرصويكسر الصور النمطية المرتبطة بالمجال المهني.
من جانبه، تحدث إيهاب عفيف، مؤسس وكالة “فحماوي للتصوير”، عن دورة التصوير الاحترافية، مؤكدًا أن الهدف من التدريب لم يكن فقطتعليم أساسيات التصوير، بل إعداد المشاركات لدخول سوق العمل كمصورات محترفات قادرات على المنافسة وتقديم خدمات إبداعية عاليةالجودة.
وأوضح أن الدورة ركزت على مهارات استخدام الكاميرا باحترافية، وفهم تقنيات الإضاءة، وإتقان زوايا التصوير، إضافة إلى التدريب علىتحرير الصور باستخدام البرامج المتخصصة، بما يمكن المشاركات من تقديم أعمال متكاملة في مجالات مثل تصوير الفعاليات، الصورالشخصية، والإعلانات.
وأشار إلى أن هذه المهارات تمنح النساء فرصة لتأسيس مشاريعهن الخاصة أو العمل كمستقلات، مما يدعم التمكين الاقتصادي ويعززدورهن في الصناعات الإبداعية، مؤكدًا أن سوق العمل في الأردن والمنطقة يحتاج إلى دماء جديدة وأفكار مبتكرة تستطيع النساء تقديمهابقوة.
واشتملت الجلستان الثانية والثالثة على عرض بعنوان الهوية البصرية وأثرها على بناء القدرات في مجال ريادة الأعمال والمشاريع إلى جانبعرض قصص نجاح ضمن مشروعي “متحدون” و “صوّت” تحدث خلالها المشاركون عن تجاربهم في الحياة العامة والاقتصاديةوالسياسية.
وفي ختام الفعاليات، تم تكريم مجموعة من المؤسسات التي ساهمت في دعم مشاركة النساء في سوق العمل وتفعيل معايير العمل اللائقوتستمر تضامن في تقديم الدعم والتدريب المستمر للسيدات والفتيات تعزيزًا للتمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة بما يضمن لها فرصًاحقيقية للمشاركة الفاعلة في سوق العمل وبناء مستقبل مستدام لها ولأسرها مع التأكيد على أن 20.8% من الأسر الأردنية ترأسها نساء،أغلبهن من الأرامل بنسبة 76.3% ما يجعل الاستثمار في تمكينهن وحمايتهن اقتصاديًا واجتماعيًا مسؤولية وطنية مباشرة.