ناجي العزام… رجل المواقف الذي قال “لا” فصنع للتاريخ مجده

3 د للقراءة
3 د للقراءة
ناجي العزام… رجل المواقف الذي قال “لا” فصنع للتاريخ مجده

صراحة نيوز- بقلم / د. حمزة الشيخ حسين

في زمنٍ كانت تتلاطم فيه رياح الاستعمار وتتقاطع فيه مشاريع القوى الكبرى، برزت أسماء رجالٍ كتبوا بصلابتهم فصولًا خالدة من تاريخ هذه الأمة. ومن هؤلاء الشيخ ناجي مزيد كليب العزام، شيخ العشيرة وأحد رجالات الأردن الذين لم يعرفوا المساومة.

وُلد الشيخ ناجي العزام عام 1873 في قرية حوفا – إربد، في بيتٍ عُرف بالزعامة والقضاء والكرامة. فجده كليب كان عضوًا في مجلس إدارة قضاء عجلون عام 1872، ووالده مزيد كان قاضيًا عشائريًا، ما جعل بيئته منذ الطفولة حاضنةً للمسؤولية والقيادة. ومع توليه مشيخة العشيرة عام 1916، بدأ دوره يتجلى كرمز وطني.

لم يكن زعيمًا محليًا فحسب، بل كان صوت الحق في زمن الانكسار؛ شارك في المؤتمر السوري الأول عام 1919 والثاني عام 1920 بدمشق، ليؤكد أن الاستقلال حقٌ لا يُساوَم عليه، وأن الأمة لا تُحكم إلا بإرادتها. رفض مشروع بيع فلسطين للحركة الصهيونية، ورأى أن الأرض شرف لا يقبل التفريط، فكان من أوائل الأصوات التي واجهت الخطر الاستعماري.

وفي 6 نيسان 1920 دعا الشيخ ناجي إلى مؤتمر قم التاريخي في ديوانه قرب إربد، حيث اجتمع زعماء الشمال وقرروا دعم ثورة فلسطين بالمال والسلاح، وإعلان المقاومة ضد الاحتلال البريطاني. وكانت ثمرة هذا المؤتمر معركة تل الثعالب (يوم سمخ) التي قادها الشهيد كايد مفلح عبيدات، لتُسجّل أول مواجهة أردنية – فلسطينية ضد الاستعمار البريطاني والمشروع الصهيوني.

كما كان ناجي العزام حاضرًا في تتويج الملك فيصل بن الحسين ملكًا على سوريا عام 1921، ليجسّد وحدة المصير بين الأردن وسوريا وفلسطين، مؤكدًا أن مشروع الأمة أكبر من حدود رسمها المستعمر. وفي الوقت نفسه أسهم في تأسيس حكومات محلية في قضاء عجلون والوسطية، وكان من أبرز رجالات الحركة الوطنية في الأردن، مشاركًا في المؤتمر الوطني الأول عام 1928، وممثلًا في المجلس التشريعي الأردني عام 1932.

وظلّ صوته يصدح ضد الأطماع، فشارك في المؤتمر الإسلامي العام في القدس عام 1931 دفاعًا عن فلسطين، وحذّر مبكرًا من خطر التوسع الصهيوني، معتبرًا أن الدفاع عن الأرض واجب الأمة كلها.

رحل الشيخ ناجي العزام عام 1937، بعد أن ترك إرثًا من المواقف الصلبة التي أثبتت أن الأوطان لا يحميها الكلام ولا الشعارات، بل الرجال الذين يقولون “لا” حين يُراد لهم أن يقولوا “نعم”. وهكذا يبقى اسمه رمزًا خالدًا في ذاكرة الأردن وفلسطين، ودرسًا للأجيال بأن الاستقلال والسيادة يُصنعان بالتضحيات، لا بالتنازلات..

Share This Article