صراحة نيوز- بقلم / عاطف أبو حجر
استمعت إلى لقاء المخرج والممثل المخضرم حسن أبو شعيرة مع إذاعة نون، حيث قدم قراءة نقدية معمقة لواقع الدراما الأردنية. تناول أبو شعيرة التحديات التي تواجه الصناعة، مشيرًا إلى غياب الاستراتيجيات الواضحة، وتهميش الخبرات المحلية، وتراجع الإنتاج المحلي لصالح الأعمال المستوردة. كما دعا إلى ضرورة إنشاء هيئة مستقلة تعنى بتطوير صناعة الدراما، مؤكدًا أهمية توظيف الكفاءات المحلية في جميع مراحل الإنتاج لضمان جودة المحتوى وملاءمته للهوية الثقافية الأردنية. اللقاء سلط الضوء على أهمية الإصلاح المؤسسي والمهني في صناعة الدراما، وأكد ضرورة العودة إلى الجذور المحلية لتعزيز الإنتاج الفني الوطني.
ومع ذلك، يتساءل المتابعون: لماذا لا يتم الاستفادة من هذه القامة الفنية؟ إن استبعاد وتغييب خبراء الدراما الأردنية الحقيقيين يمثل إهدارًا غير مبرر للخبرة والمعرفة التي شكلت أساس هذه الصناعة على مدار عقود. هؤلاء الخبراء، الذين أسهموا في صقل المواهب وتأسيس هوية الدراما الوطنية، يُتركون خارج أي قرار أو مشروع، وكأن تجربتهم الطويلة لا قيمة لها.
في قلب صناعة الدراما الأردنية، يقف اليوم عدد من أعمدة الفن والإبداع، خبراء ومستشارون شكلوا وجدان هذه الصناعة وأسهموا في بناء هويتها على مدار سنوات طويلة. أسماء مثل محمد عزيزية،صلاح أبو هنود،
حسن ابوشعيرة،بسام حجاوي
ساري الاسعد،احمد دعيبس،
د مخلد الزيودي،أمجد العواملة وغيرهم والمنتجين الأردنيين :
طلال عواملة
عصام حجاوي والذين يمثلون جميعا تجربة ثرية ومخزونًا معرفيًا هائلًا يمكن أن ينعكس مباشرة على جودة المشاريع الدرامية الأردنية.
ومع ذلك، نجد أن هؤلاء الخبراء اليوم مهملون داخل منازلهم، غير مستشارين في اللجان أو الندوات أو المشاريع الخاصة بوزارة الثقافة والتلفزيون، كأنهم أصبحوا أطلالًا على هامش صناعة أسسوا قواعدها. يطرح هذا الواقع سلسلة من التساؤلات: لماذا يتم استبعادهم؟ لماذا لا يُستشارون في رسم السياسات الدرامية أو اختيار المشاريع؟ لماذا يغيبون عن المشهد الذي ساهموا في بنائه؟ ولمن تعود هذه القرارات؟
تجاهل هذه الخبرات لا يضر بهم فقط، بل يضر بالمجتمع الأردني ككل وبمستقبل الدراما الوطنية. هؤلاء الخبراء يمتلكون معرفة عميقة بالثقافة المحلية، القدرة على صقل المواهب الشابة، وفهمًا متكاملًا للجمهور الأردني والعربي. غيابهم عن الطاولة الفنية يؤدي إلى ضعف استراتيجيات الإنتاج، وإلى مشاريع قد تفتقد البصمة الأردنية الأصيلة.
قد تكون الأسباب متعددة، ربما مرتبطة التقسيمات الإدارية أو صراعات نفوذ، أو مجرد تجاهل غير مبرر لأهمية الخبرة الطويلة في صناعة الإعلام والدراما. لكن الحقيقة المؤلمة أن هذا الغياب ليس مجرد فقدان أسماء، بل فقدان رؤية متكاملة لصناعة يمكن أن تكون فخر الأردن على المستوى العربي والعالمي.
إن إشراك هؤلاء الخبراء يعني استثمار المعرفة المحلية، دعم الإنتاج الوطني، ورفع مستوى المنافسة الفنية، بينما تجاهلهم يعني استمرار الدوران في حلقات التجربة المحدودة والقرارات قصيرة النظر، مما يضع الصناعة الوطنية في خانة الهامش بدل الريادة.
في نهاية المطاف، يبقى السؤال قائمًا وبقوة: لمصلحة من يتم استبعاد أعمدة الدراما الأردنية؟ ومن سيستفيد من إهمال خبراتهم التي صنعت الأسماء وأرسخت القيم؟ الأجوبة قد تكشف عن آليات القرار في مؤسساتنا الثقافية، لكنها بلا شك تدعو إلى مراجعة عاجلة قبل أن نفقد نهائيًا التراث الإبداعي الأردني الذي يقف على أكتاف هؤلاء الخبراء.