عندما تنطق الحجارة

3 د للقراءة
3 د للقراءة
عندما تنطق الحجارة

صراحة نيوز-بقلم الناشطة السياسية باسمة راجي غرايبة

منذ أن كنت طفلة كنت أسمع قصص وحكايات الزمن القديم المتوارثة جيلا بعد جيل، ربما تكون تلك الحكايات وهمية وأبطالها أيضا من نسج خيال الجدات والأمهات
كنت أسمع قصة الشاطر حسن وقصة (( السيح)) المسكون بالأشباح وهو عباره عن مدخل مغاره في بلدتي حولرة
وكنت أسمع أيضا عن قصة قديمه عن بلدة أم قيس وحجارتها السوداء ولكن لم أكن أصدق أن ((الحجارة تنطق)) بأجمل الحكايات وتعبر عن مكونات النفس البشرية التي تحول حالة الإحباط واليأس إلى منجز رائع سواء منجزا فكريا مختبأ في قاع الجمجمة يخرج إلى النور بعد أن يتعرض الإنسان إلى هزة عنيفة تخرج بذور الإبداع فأصبح كاتبا موهوبا أو موسيقيا بارعا أو منجزا عمرانيا وفنيا
يحول الإيمان بالله إلى يقين راسخ
فالله وحده الذي ميز الإنسان عن بقية الكائنات الحية ((بالعقل)) فهذا العقل اليشري هو الذي يترجم الأحاسيس والمشاعر والفكرة القابعة بالذهن إلى فعل محسوس وذا قيمة إنسانية بأبعادها الكاملة ويظهر أثرها ونراه بالعين المجردة
بالأمس وعندما إتجهت شمالا إلى بلدة حكما لزيارة بيت المهندس( منذر بطاينة ) الذي أطلق عليه إسم (( خان شمال)) لانه يقع أقصى شمال بلدة حكما هذا البيت الذي أعاد لي ذاكرتي الطفولية عن تلك الحكايات التي سمعتها واعتقدت أنها ضرب من الخيال وأدركت أن تلك الحكايات حقيقية وأن(( الحجارة تنطق)) تنطق بالسجل التاريخي لكل حجر في هذا البيت وجدارياته التي خلدت الأردنيين
فحجارة بيت عمر فائق الشلبي لم تنساه وجدارية شاعر الأردن نطقت بعشقه لوطنه وهواه الحوراني وأما تينة الشاعر نايف أبو عبيد كانت حلوة المذاق فكيف لا ونحن الاردتيون نعشق تاريخنا ونتغنى به في كل محفل ليس فقط من أجل هويتنا الأردنية بل أيضا نجسد إنتمائنا لعروبتنا وقوميتنا العربية التي نطقت بها احد الجداريات في بيت خان التي تمثل سيرة ((الحوراني )) المجاهد نجيب الذي قاتل في ليبيا ضد الاستعمار الإيطالي
نعم لقد نطقت حجارة ((خان شمال)) ليس فقط تاريخيا بل إنسانيا فهذا المنجز العمراني للمهندس(( منذر بطاينة)) وهذة الفكرة كانت بلحظة إنسانية ما شعر بها المهندس منذر تحولت إلى فن وأسلوب عمراني متميز يتمثل بنقل الزمن القديم إلى الحاضر والأثر المتجدد والتاريخ الباقي إلى الأبد
كم تمنيت أنني عرفت ذلك قبل أن يتحول بيتي القديم ذو الحجارة باللون الأحمر وبلاط البيت الذي يشبه السجادة العجميه إلى مجرد صورة على حائط صفحتي
كم شعرت بالحزن عندما إستعدت ذاكرتي الطفولية وقلت في نفسي
لماذا لم أفعل مثلما فعل المهندس منذر وجاءتني الإجابة (( قدر الله وما شاء فعل))

Share This Article