الولد “المعَزَّر”، “ناصح ومربوع”

3 د للقراءة
3 د للقراءة
الولد "المعَزَّر"، "ناصح ومربوع"

صراحة نيوز – بقلم / نضال البطاينة

الطفل “المعَزَّر” دوماً يكون ممتلئ الجسم “ناصح”، والسبب أنه عرف نقطة ضعف الأم؛ فيقيم الدنيا ويقعدها صراخًا وركلًا –حتى قبل أن يجوع– لأنه يعرف أن الأم ستحسب حساب انزعاج الجيران من صراخه، أو أنها ستحسب حساب ركلاته على جسدها، فتَلجأ لإسكاته بإرضاعه فورًا لكي ترتاح، مع أن الجيران لا يسمعون صراخه ولا يدرون عن وجوده لأن منازلهم مليئة بالأطفال، كما أن ركلاته لن تؤثر على الجسد القوي لأمه. فالأم من استهانتها بقوتها، ومن سوء تقديرها لقوته، لجأت إلى “مكافأة الشر”، واستعمل الطفل “المعزَّر” ذلك باستغلال بشع لا يمت بصلة لبراءة الطفولة وبعيد كل البعد عن الانتماء للأم والأسرة.
أما بالنسبة للطفل المؤدب “الهَني” والمنتمي لأمه وأسرته “بحليب وبلا حليب” أي “بعُجرِها وبُجرِها” فتجده عادة نحيلًا أو طبيعيًا (لكي لا يساء الفهم) مع أنه يستطيع أن ينتفخ عن طريق تقليد أخيه “المعزَّر”، ويدرك أنه يستطيع استخدام ذات الأدوات إن لم يكن أفضل منها، ولكنه يجد العلاقة مع أمه وأسرته أسمى وأجلّ من هذه الانتهازية، فهو حريص على سمعة البيت فلا يصرخ، كما هو حريص على صحة أمه فلا يركلها، وهذا النحيل يفضل أن يجوع على أن يكون أنانيًا، وعند قلة الحليب “بيجي على حاله”، كما أنه يعي وجود أطفال آخرين لا يريد أن يتجرأوا على الأم لكي تبقى “مهيبة على الولاد”، محافظةً على استقرار العائلة، كما قد يكون هذا “الهني” متصالحًا مع نفسه ويدرك أن وقت الفطام قد حان، وأن غيره يحتاج “الحليبات” أكثر منه.
خطرت ببالي هذه الخاطرة حين لاحظت ابتذال البعض بطريقة تضر الدولة ولا تنفعها، فذات الشخوص يحتلون الشاشات والأثير وأعمدة الصحف حتى أصبحنا نعلم كيف سيكملون كل جملة، فبالنظر لتاريخ البعض تجدهم كانوا منقلبين على الدولة في مراحل كثيرة من حياتهم ومن عمر الدولة، وأنا أعي ما أقول: “الدولة وليس الحكومات”، فهُنا لا بأس إذا كانوا قد ضلّوا الطريق ثم وجدوه، ولكن “يا حبيبي” إن تم إلغاء بعض من عقودهم وامتيازاتهم، أو “يا لطيف” إن تم نسيان بعضهم من تشكيلات المجالس، أو “يا ساتر” إذا لم يتم تعيين حبايبهم هنا وهناك… عندها يصرخون ويركلون لأنهم فعلوها سابقًا وكان الحليب يُعاد لهم حتى “تورّموا وانتفخوا”.
على الأم أن تعي أنها الأقوى، وأن الجميع أضعف منها، وأنه لولاها لم ولن يكونوا، كما على الأم أن لا تضرب مثالًا خاطئًا للابن المؤدب الذي فضّل الجوع على أن يستغل أمه أو يقلل من احترامها. وعلى الطفل “المعزَّر” –الذي لا يبتسم إلا “للحليبات”، وإذا خف الحليب أو اختفى قفز في حضن امرأة أخرى وترك أمه “على أول طيارة”– أن يفهَم أنه من المُشين أن يتعامل كشريك مضارب “على المربح”، وعليه أن يكون مع الأم “على المربح والمخسر”، وعلى جميع الأطفال أن يرددوا بالفصحى: “بلادي وإن جارت علي عزيزة…” أو بالعامية: “هذي بلدنا وما نخون عهودها…” إلخ.

حمى الله الأردن أرضا وشعبا وملكا، وسياجنا قواتنا المسلحة.

Share This Article