العَلم .. كما الوطن .. في القلب

5 د للقراءة
5 د للقراءة
العَلم .. كما الوطن .. في القلب

صراحة نيوز- عوض ضيف الله الملاحمة

يتميز وطني الحبيب بالغرائب والعجائب ، والتفنن فيما لا يفيد الوطن ، ويضر بالمواطن .

صدر قرار عجيب ، غريب ، أجهدت نفسي كثيراً حتى أفهمه ، وأتبين دوافعه ، وأعرف الأسباب التي دعت اليه ، والنتائج الإيجابية المرجوة منه . واليكم نص القرار حرفياً :— [[ صدر يوم السبت ، في الجريدة الرسمية تعليمات مواصفات وأبعاد سارية العلم في الأبنية ضمن مناطق البلديات لسنة ٢٠٢٥ .
وتأتي التعليمات إستناداً لأحكام المادة ( ٤٠ / هـ / ٥ ) من نظام الأبنية وتنظيم المدن والقرى رقم ( ١ ) لسنة ٢٠٢٢ وتعديلاته ، وتعتبر نافذة من تاريخ نشرها .
ويشترط على كل مالك عقار وضع سارية عَلم ضمن الإرتداد الأمامي للبناء او على سطحه ، وفقاً لأحكام التعليمات .
وبحسب التعليمات ، يجب ان تتوافر فيها شروط من بينها ان لا يقل قطر السارية عن ( ٤ ) إنشات وان لا تقل سعتها عن ( ١,٨ ) ملم ، مع طلية علوية من النحاس او الحديد وبكرة حبل علوي ]]. إنتهى الإقتباس .

قرار أغرب من الغرابة نفسها . أتمنى كما غيري من المواطنين الأردنيين ان أعرف :— من هذا الجهبذ خطير التفكير الذي خطرت بباله هذه الفكرة !؟ وما هي الدوافع والأسباب التي لمعت بذهنه وفكره المتقد المُبدع !؟ وما النتائج المرجوة من هذه الفكرة العميقة الخطيرة ؟ كما نود ان نعرف مؤشرات قياس الأداء ، ونسبة تحقق الأهداف !؟

هذا القرار ، مع كل الأسف أراه سطحياً ، ولا جدوى منه ، ولا غاية ستتحقق للوطن من فرضه . ولا أرى غاية منه الا التكسب والتربح والإستثمار في نشاط دون مغامرة ، ودون خسارة لأن تسويقه إجباري مستند الى قرار إلزامي ، وبهذا يكون الربح أكيداً .

هذا قرار عديم الجدوى . دوافعه لن تزيد او تخرج عن التملق ، والتزلف ، وإظهار إنتماء زائف غير موجود . سطحية هذا القرار توحي بأن الهدف منه عكس خلاف ما يبطن تجاه الوطن .

الوطن في قلوب الشرفاء من الأردنيين مرتبط بدقات القلب . قلوبنا تنبض به حُباً ، وانتماءاً ، وعطاءاً ، وإنجازاً ، ويقيناً بانه وطننا الوحيد الأوحد ، الذي لا نرتضي له بديلاً ، ولا نسعى لرمي جواز سفره والدوس عليه . ولا نسعى للتكسب من الإنتماء اليه ، ولا نَمَلُّ من تقديم العطاء اليه .

الشرفاء من الأردنيين يعشقون وطنهم رغم التهميش ، وشظف العيش فيه . الشرفاء من الأردنيين يهيمون بوطنهم عشقاً ، رغم عدم تمتعهم بالحرية ، والحياة الكريمة ، ورغم غياب العدالة ، والكرامة ، ورغم غياب الشفافية ، ورغم حسرتهم وهم يرون الأغراب الذين هبطوا على الوطن بالباراشوتات ، ونهبوه ، ودمروه ، وأفسدوه ، وعاثوا به فساداً وإفساداً ، ولا يُسمح لهم حتى بالتأشير على مكامن الخلل والفساد .

العَلم الأردني ، رمز لكل أردني شريف ، نظيف ، عفيف . العَلم الأردني مرسوم في حدقات عيون الشرفاء من الأردنيين . العَلم الأردني يتجول رسماً عزيزاً ويتنقل من أُذين الى أُذين ، ومن بُطين الى بُطين دون إستئذان ، فالقلب ميدانه ، ومسكنه .

حُبُّ الأردني الشريف للعَلم وللوطن كما الحبّ العذري الشريف العفيف . حُبّ العلم والوطن يظهر على قسمات وجوه الأردنيين ، وعلى ملامحهم ، ويغني ذلك عن القول والإفصاح .

وضع العَلم على البنايات ، والبيوت لن يزيده رِفعة ، ولن يزيد مكانته في قلوب الشرفاء . فَرضه على أبصار الأردنيين ، لن يزيد من مكانته واحترامه ، أبداً . نحن لا نحتاج لإجراء سطحي يذكرنا بوطننا . الحُبّ لا يُفرض ، ولا يتأتى بالإجبار . الحُبّ قرار قلبي محظ يتأتى بالإختيار والرغبة لا بالفرض والإجبار وإصدار القرار .

وهنا أتساءل : هل يستفيد الوطن عندما يضع العملاء والفاسدين العَلم على قصورهم وبيوتهم !؟ وهل وضع العَلم يحرف مقياس حبهم لصالح الوطن والتغاضي عن عمالتهم وفسادهم !؟ وهل وضع العلم يحوِّل الخائن الى منتمٍ !؟ وهل تطمئنون لعميلٍ بعد رفعه العَلم على بيته !؟

الأردنيون ليسوا بحاجة لأن تبتدعوا لهم أساليب سطحية للتعبير عن حبهم لوطنهم وللعَلم . ما يحتاجه الوطن والعَلم ان تثبتوا انتم ولائكم للوطن وإنتمائكم اليه بالعطاء والإنجاز ، ووقف نهب ، وسلب ، وفساد ، وسرقة مقدراته .

وأختم وأقول : وطننا وعَلمُنا بألف خير لو سَلِمَ من سوء إدارته من قِبل كبار مسؤوليه . ثم هل سيكون وضع العَلم هو مقياس الإنتماء للوطن !؟

Share This Article