صراحة نيوز-تواجه المؤسسات العامة اليوم ضغوطًا مالية متزايدة، في ظل الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي تعصف بالعديد من الدول. وأمام هذه التحديات، بات تحقيق التوازن المالي وضمان الاستدامة التشغيلية ضرورة لا تحتمل التأجيل. ومن هنا تبرز الحاجة الملحّة إلى مراجعة وتحديث التشريعات القانونية الناظمة للإطار المالي لهذه المؤسسات، بما يواكب الواقع الجديد ويلبّي متطلبات المرحلة.
فالاعتماد على قوانين وُضعت في سياقات تاريخية مختلفة، لخدمة أهداف تنموية أو سياسات حكومية آنذاك، لم يعد كافيًا لمواجهة التحديات الراهنة. إن تعديل تلك التشريعات بما يتلاءم مع الظروف الحالية يُعدّ خطوة أساسية لضمان كفاءة الأداء المالي للمؤسسات العامة واستمراريته.
وتكمن أهمية التشريعات المالية في قدرتها على ترشيد الإنفاق، وتعزيز إدارة الموارد، ودعم استقلالية المؤسسات المالية، بما يسهم في تحقيق الاستدامة وتقليل الاعتماد المفرط على التمويل الحكومي أو الديون. ويتجسد ذلك في تحسين الإيرادات، وضبط النفقات، وتفعيل آليات رقابية فعّالة، وترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة.
كما أن تراكم البيانات والمؤشرات المالية عبر الزمن يفرض مواءمة النصوص القانونية مع الواقع العملي، لإزالة أي تعارض أو ازدواجية قد تؤدي إلى إنفاق غير مبرر أو إرباك في الإجراءات. وبهذا تصبح المؤسسات أكثر قدرة على مواجهة الضغوط بمرونة وكفاءة.
إن الحكومة، بصفتها الجهة المسؤولة عن تحديث هذه التشريعات، مطالَبة بالتحرك متى ما دعت الحاجة، لضمان التوازن المطلوب وتسهيل انطلاقة المؤسسات نحو أداء أفضل.
وعليه، يمكن القول إن التشريعات القانونية تشكّل حجر الزاوية في بناء مراكز مالية قوية ومستقرة للمؤسسات العامة، إذ تعمل كأداة تنظيمية ورقابية وإصلاحية تترجم مبادئ الحوكمة الرشيدة، وتؤسس لاستدامة مالية طويلة الأمد