صراحة نيوز-أكد الخبير في التراث الأردني أحمد الكركي أن التراث والموروث ليسا مجرد بقايا من الماضي، بل هما حيّان يشكلان وجدان الناس اليومي، مشددًا على أن الحفاظ عليهما مسؤولية وطنية وثقافية.
وقال الكركي إن السؤال الجوهري يتمثل في مدى قدرتنا على توثيق الموروث من خلال القصص والحكايات الشعبية، لافتًا إلى أن كثيرًا من هذه التفاصيل آخذة بالاندثار في ظل هيمنة مواقع التواصل الاجتماعي. وحذر من أن غياب التوثيق قد يقود إلى ما يُعرف بحالة “الاغتراب”، حيث ينفصل الجيل الجديد عن موروثه وهويته.
وأشار إلى أن تقديم محتوى عبر وسائل التواصل يشبه الأردنيين ويعبر عنهم بات ضرورة، داعيًا إلى استثمار التنوع في اللهجات والعادات والأغاني الشعبية التي تعكس فسيفساء المجتمع الأردني من شماله إلى جنوبه. وأوضح أن الاختلاف بين اللهجات لا يقف عند حدود الكلمات، بل يمتد إلى طبيعة الحياة اليومية، وحتى الأهازيج والزغاريد والأكلات الشعبية مثل المقلوبة في العقبة أو الهريسة في معان.
واستعرض الكركي أمثلة على ثراء الموروث الأردني، بدءًا من أقدم قطعة خبز في العالم وتمثال عين غزال، وصولًا إلى فسيفساء أم الرصاص التي تعكس عمق التعايش الإسلامي المسيحي في الأردن، مؤكدًا أن الأردن لا يقوم على “تعايش” فقط بل على “عيش مشترك”.
وتناول رمزية الشماغ الأحمر المهدّب باعتباره جزءًا من الهوية الوطنية، وكذلك دلالات فناجين القهوة (الهيف، الكيف، السيف)، مبينًا أن القهوة الأردنية تخضع حاليًا لجهود توثيق ضمن خارطة التراث العالمي، كما حدث سابقًا مع أكلة المنسف.
كما أشار إلى دور الإذاعة الأردنية في حفظ الأهازيج والأغاني الزراعية والعسكرية، منتقدًا في الوقت نفسه تحويل اللهجات الأردنية إلى مادة للسخرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وختم الكركي بالتأكيد أن التراث ليس ترفًا، بل هوية حقيقية لا بد من صونها، مشددًا على أن الكتب وحدها لا تكفي، بل يجب الإصغاء إلى روايات كبار السن الذين يحملون الذاكرة الحية للمجتمع.