عدوّك .. حليفك

6 د للقراءة
6 د للقراءة
عدوّك .. حليفك

صراحة نيوز- بقلم / عوض ضيف الله الملاحمة

أستغفر الله العلي العظيم . لا استغراب ، ولا إستغفار ، كل ما خطط له العدو حدث ، وصار .

أنظمة جاءت وتولّت ، وحكمت ، واستبدت مستقوية بجبروت من أتى بها وأسسها ومكّنها من تولي السلطات ، وداست على الرقاب ، وأوصدت الباب أمام الحريات ، وغيبت العدالة ، والكرامة ، وتأتمر بأمر أسيادها ومن يثبِّتوا أركان حكمها .

أعدائنا هم حلفائنا . ونتحرك بتعليماتهم ، وتوجيهاتهم وننفذ أوامرهم بكل خنوع وخضوع . عندما يكون حليفك هو عدوك ، وهو الذي يزودك بالمستهلك من الأسلحة ، الخارجة من الخدمة ، ماذا تريد !؟ وهو القادر ان يفعل بك ما يريد .

لماذا نستغرب !؟ امريكا حليفتنا ، وسيدتنا ، وولية أمرنا . ونحن لها منقادون ، تابعون ، وحلفاء .

والكيان اصبح مصدر الأمان للكثير من العربان . والقواعد الأمريكية التي تعج بها ( ٩ ) تسعة أقطار عربية هي حامية الديار من كل الأخطار والأشرار .

عدد القواعد والمعسكرات الأمريكية في الوطن العربي تزيد على عدد القواعد والمعسكرات الامريكية في امريكا نفسها .

امريكا تعتبر الكيان الولاية رقم ( ٥١ ) من الولايات المتحدة الأمريكية . وهو طفلها المدلل ، ورأس حربتها في المنطقة . لذلك فإن أحد الأهداف الرئيسية للقواعد الأمريكية في الوطن العربي هي حماية الكيان منّا نحن ، وهل للكيان عدو غيرنا !؟ منطق لا يستقيم لكنه في الواقع بلاء عظيم .

يستحيل على الكيان تنفيذ ضربته في الدوحة الا بموافقة ، ومباركة ، وضوء أخضر أمريكي . هذا من الناحية المعنوية ، والنفسية ، ضمن إطار التنسيق المتناهي ، المتماهي بينهما . لكن أيضاً هناك خدمة لوجستيه تتمثل في ضرورة موافقة امريكا على تزويد طائرات الكيان الحربية بالوقود في الجو حتى تتمكن من تنفيذ الضربة ، والمناورة ، والعودة للأراضي المحتلة . وخدمة تزويد الطائرات الحربية بالوقود جواً ليست ضمن إمكانيات الكيان ، وهي متوفرة لدى الأمريكان .

البعض وصف نتنياهو بالوقح ، ومعه ترامب . سادتي القراء الكرام ، الوقاحة ليست واردة في قاموس السياسة ، أبداً ، هذه المفردة وما شابهها تأتي في توصيف سلوكيات الناس ، في تعاملاتهم بين بعضهم البعض . لكنها غير موجودة في قاموس السياسة ، ففي السياسة هناك فرصة ، يتوجب إستغلالها ، الإستغلال الأمثل بما يخدم العدو . كما لا توجد اخلاق ، ولا قيم ، ولا مُثل في عالم السياسة . عالم السياسة إنتهازي ، إستغلالي مُفرط .

ببساطة ، لم يتوسع العدو الصهيوني منذ عام ١٩٦٧ ، اي انه صبر لمدة ( ٥٨ ) عاماً . وطيلة تلك العقود لم تسنح له فرصة مثالية كالفرصة الحالية . حيث بدأت مصر التطبيع عام ١٩٧٩ ، وتلتها منظمة التحرير الفلسطينية عام ١٩٩٣ ، و (( ركب القِدر على ثلاثة )) بإقدام الأردن على التطبيع مع العدو عام ١٩٩٤ . وكان هناك تطبيعاً مع عدد من الأقطار العربية من تحت الطاولة ومنهم دولة قطر نفسها . حتى ( كَرَّت المسبحة ) ، وزادت اعداد الأقطار المُطبعة ، لا بل والموقعة على إتفاقيات تعاون عسكري وأمني مع العدو .

(( فماذا تتوقع من عدوك عندما يراك تلجأ اليه ليحميك )) !؟ غير ان يستهتر ، ويستهزأ بك ، ويسقطك من حساباته ، ويدرجك من ضمن أطماعه ، ويعتبرك أداة طيعة في تنفيذ مخططاته ؟

القواعد الامريكية في الأقطار العربية هي (( أَذرع فعلية )) للكيان الصهيوني . وأمريكا أداة طيعة في يد الكيان ، وهي تتفانى في خدمته . فلا إستغراب ان تعطي امريكا الضوء الأخضر للضربة .

ووضع دولة قطر مُخزٍ ، ومُعيب ، وربما انه لا يخلو من الخيانة ، والغدر بالمستهدفين ، المُستجيرين بالدوحة ، كما المستجير من الرمضاء بالنارِ .

وإستناداً لطلب الأمريكان والصهاينة من قطر بان تطلب من قادة حماس المغادرة لأكثر من مرة . فإنني اعتقد ان قطر ملّت ، وإحتارت ، وعجزت ، في كيفية التخلص منهم . لذلك ليس مستبعداً انه قد تم إخبار قطر في الضربة الجوية . وربما وفِّقت قطر في التصرف بدهاء بان يتركوا هواتفهم بمكان ويتواجدون في مكان آخر ، حتى لا تراق دمائهم على الأرض القطرية ، لكنها ستكون كافية ليغادروا الدوحة بمحض إرادتهم .

لا أستبعد معرفة قطر بالضربة ، لأسباب عديدة منها ان قطر لا تلوي على شيء ، ولا يمكنها الرفض ، كما لا ينتظر الأمريكان موافقتها . فسواء علمت ، او لم تعلم ، وسواء وافقت ، او لم توافق ، ستتم الضربة . لذلك ارى ان قطر كانت على عِلمٍ بها .

قد يُخبِر الأمريكان قطر (( عن العتب واللوم )) ، وايضاً حتى يشعرونها بشعورٍ زائف بانه لم يتم تهميشها . والأقطار العربية قاطبة موافقة على تصفية تلك القيادات ، وحتى لو لم تكن موافقة ، من سيطلب موافقتها ؟

ما هذا الذلّ !؟ وما هذا العار !؟ لم يعد بيننا أغيار ، ولا أخيار . فلنكتوي بنار ذُلِّنا ، لأننا نحن من جلبناه لأنفسنا . وآااااااأسفاااااه ، على كريم أتى بالذلّ على نفسه . والقادم صادمٌ ، وقاتم ، وقاتل . فلنستمرأ الذلّ الذي جليانه لأنفسنا .

ما حصل في الدوحة ، فيه رسالة فاقعة الوضوح للأردن بالذات وللأقطار العربية الأخرى التي لديها قواعد أمريكية . سيقصفنا العدو الصهيوني بحماية وخدمات لوجستية أمريكية عندما يأتي دورنا . فلماذا نستغرب كل ذلك من أمة إتخذت من عدوها حليفاً !؟

Share This Article