صراحة نيوز- بقلم: الدكتور عصام الكساسبة
في لقاء سياسي مؤخرًا، صرّح دولة رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي بضرورة إعادة النظر في دستورية وجود النقابات الأخرى، على غرار ما جرى مع نقابة المعلمين. تصريح كهذا يفتح الباب أمام سؤال جوهري: هل التحديث السياسي في الأردن يسير إلى الأمام فعلًا، أم أننا نخطو خطوة ونرتد عشر خطوات إلى الوراء؟
النقابات المهنية ليست مجرد مبانٍ أو انتخابات دورية، بل هي ذاكرة وطنية وصوت جماعي لعشرات الآلاف من الأطباء والمهندسين والمحامين والصيادلة والمعلمين وغيرهم. هي مؤسسات وُلدت من رحم المجتمع لتكون صمام أمان اجتماعي ومهني، وميزانًا يذكّر الحكومات أن العمل العام لا يدار بالصمت ولا بالبيروقراطية.
المفارقة أن الحديث عن “حل النقابات” يأتي في ظل شعارات التحديث السياسي والإصلاح، بينما ما يراه المواطن على الأرض هو عكس ذلك. فبدلًا من توسيع دائرة المشاركة، تضيق الدائرة أكثر. وبدلًا من فتح النوافذ للحوار، تُغلق الأبواب بحجة القوانين والدستورية.
إن معالجة ملف النقابات بالحلّ أو التضييق لن يكون إصلاحًا، بل إضعافًا للنسيج الوطني، واعترافًا ضمنيًا بأننا نراوح مكاننا في مسرح سياسي يعرض ذات المشاهد بلا جمهور حقيقي.
يبدو أن النقابات في نظر بعض الساسة أخطر من التضخم والبطالة وغياب العدالة الاجتماعية، وكأن كل أزماتنا السياسية والاقتصادية يمكن أن تُحلّ بمجرد إغلاق أبواب النقابات