صراحة نيوز- موسى الصبيحي
خبير التأمينات والحماية الاجتماعية
إذا كان الأردن يحتل المرتبة ( 12 ) عالمياً من بين ( 187 ) دولة حول العالم من حيث الأعلى في مؤشّر البطالة العام بحسب قاعدة بيانات البنك الدولي ومقارنات البطالة “دولياً وفقاً لنموذج منظمة العمل الدولية للعام 2024. فماذا يمكن أن نعمل وهل لدينا خارطة طريق واضحة المعالم لإيجاد حلول ناجعة لمعضلة متفاقمة ؟!
هذا السؤال أطرحه على الحكومة التي يبدو أنها تكتفي كما سابقتها بهدف استحداث مليون فرصة عمل خلال عشر سنوات بحسب رؤية التحديث الاقتصادي دون تخطيط شامل وثاقب. وحتى لو استطاعت الحكومات توفير هذا العدد من فرص العمل فلن تكون كافية أبداً في ظل تزايد موجات المؤهّلين لدخول سوق العمل سنوياً وضعف أدوات الحكومة والقطاع الخاص للتعامل معهم واستيعابهم.
أَنْ تكون الأردن في المرتبة “12” عالمياً بين الدول الأعلى في معدّلات البطالة، فهذه تكشف ليس فقط حجم التحديات الكبيرة التي واجهناها على مرّ العقدين الفائتين، وإنما تكشف هشاشة التخطيط الاقتصادي والاجتماعي وعدم شموليته، ناهيك عن التفكير الأحادي للحكومات، الذي اتّسم لدى معظمها بالنظرة المحدودة المحكومة بإلإطار الزمني لكل حكومة، ولم يكن تفكيراً أو تخطيطاً عابراً للحكومات، باستثناء رؤية التحديث الاقتصادي الراهنة.
إلى اليوم لا زالت الحكومات تعمل وتخطط لمواجهة معضلة البطالة دون أن تمتلك قاعدة بيانات صحيحة لسوق العمل، فإلى اليوم لا يوجد ضبط للعمالة غير الأردنية، وكيف تضبطها دون أن تمتلك إحصاءها.؟
أروني أي دولة في العالم غير الأردن يتجاوز معدل البطالة بين مواطنيها ضِعفَيْ معدل البطالة لغير مواطنيها على أرضها (معدل البطالة للأردنيين 21.3% بينما لغير الأردنيين في المملكة 9.7% بحسب دائرة الإحصاءات العامة).!
أروني دولة في العالم يعاني ما لا يقل عن نصف مليون مواطن فيها من البطالة ولا يجدون فرصاً للعمل فيما يحتل فيها حوالي ( 1.3 ) مليون شخص غير مواطن أعمالاً ووظائف ممتدة على كافة القطاعات الاقتصادية المنظمة وغير المنظمة.!
أروني دولة في العالم غير الأردن تجد فيها ( 10 ) مشتغلين مواطنين “أردنيين” يقابلهم ( 8 ) مشتغلين غير أردنيين بحسب تقرير “قراءة معمقة للبطالة لمنتدى الاستراتيجيات الأردني”.!
أروني دولة في العالم غير الأردن تشكّل القوى العاملة غير الوطنية فيها ما لا يقل عن (40%) من إجمالي القوى العاملة فيها.!
أنْ نحتل المرتبة (12) عالمياً في معدل البطالة يعني أنّنا بحاجة إلى حكومة استثنائية في كل شيء؛ تفكيرها، قوّتها، حصافتها، جرأتها، قياداتها، حزمها، نزاهتها، ريادتها، ورئيس استثنائي يعمل باستثنائية تشاركية شاملة مع فريق لا يتعب ولا ينصب ولا يمل ولا يكل لأكثر من (24) ساعة في اليوم والليلة.. أما كيف يأتي بالساعات الأضافية فهذا عمله ومسؤوليته.!
أخيراً أقول؛ إنّ مستقبل الضمان وقوته مرهونان بفرص العمل المستحدثة ولا يُضعِفه إلا بطالة متفاقمة دون حلول.!