صراحة نيوز- د. عدي الخزعلي
عندما يقضي المعلم سنوات طويلة في طلب العلم، ويسهر الليالي ليكمل مسيرته الأكاديمية حتى يحصل على درجة الدكتوراه، يكون أمله أن يقدر هذا الجهد، وأن يجد ثمرة سعيه تقديرا واحتراما في مؤسسته.
لكن ما أقسى أن يتحول الحلم إلى إحباط، وأن يقابل الاجتهاد بالتجاهل!
فعلى مدار عام كامل، تقدمت بعدة طلبات للانتقال من موقعي كمعلم إلى موقع إداري في مركز الوزارة، أجريت خلالها مقابلات إيجابية مع معالي الوزير، وقدمت استدعاءات مرفقة بتوصية من الديوان الملكي الهاشمي العامر، ومع ذلك ظل طلبي حبيس الأدراج بلا أي تحرك.
مؤلم أن يكون طلب بسيط كهذا يحتاج كل هذا الجهد والانتظار، فهل يعقل أن يترك المعلم المكافح مهمشا، رغم مؤهلاته وقدرته على خدمة وزارته من مواقع أكثر تأثيرا؟
أم أن الاجتهاد في مؤسستنا لا يكافأ، والكفاءات لا تقدر؟
من المؤسف أن حملة درجة الدكتوراه في وزارة التربية والتعليم لا يحظون بأي نظرة خاصة من حيث السلم الوظيفي، ولا يوجد مسار وظيفي واضح يميزهم عن غيرهم، رغم ما بذلوه من جهد علمي وما يحملونه من مؤهلات عليا. إن غياب هذه الرؤية يبعث على الإحباط، ويجعل الكثير من الكفاءات تشعر أن أعوام دراستها الطويلة لم تترجم إلى تقدير عملي أو موقع وظيفي يليق بها.
وان كان المعلم ولا يزال حجر الأساس في بناء الأجيال وصناعة العقول، فهو الذي يزرع القيم والمعرفة، وهو القدوة الأولى في مسيرة الطالب العلمية والإنسانية، فإن تقديره ليس ترفا وظيفيا، بل هو استثمار في مستقبل الوطن، لأن النهضة الحقيقية تبدأ من قاعة الصف، ومن مكانة المعلم وهيبته ودوره الريادي.
إن المعلم الذي أفنى سنوات عمره في خدمة التعليم، وسعى جاهداً ليطوّر نفسه علمياً وأكاديمياً، لا يطلب امتيازا شخصيا، وإنما يطلب أن يمنح الفرصة ليسهم بخبرته في تطوير المؤسسة التعليمية، بما ينسجم مع رؤية القيادة الهاشمية في الاستثمار الأمثل بالموارد البشرية.
ولذلك، وختاما، أضع هذه التساؤلات أمام الرأي العام وأمام أصحاب القرار، لعلها تكون خطوة لإعادة النظر في مثل هذه الملفات، وإنصاف الكفاءات التي أعطت التعليم أعمارها وجهدها.
ونتمنى من صانع القرار أن ينظر بعين الاهتمام إلى حملة درجة الدكتوراه من المعلمين، وأن يُتخذ قرار منصف يضمن الاستفادة من خبراتهم وتوظيف مؤهلاتهم العلمية بما يخدم مصلحة التعليم ويرتقي بالعمل المؤسسي.