صراحة نيوز- تجاوز حجم تدفقات الأموال الداخلة والخارجة من الصين، لأول مرة في تاريخها، قيمة تجارتها في السلع والخدمات، ما يشير إلى دخول ثاني أكبر اقتصاد في العالم مرحلة جديدة من الانفتاح المالي.
وسجلت الصين خلال الأشهر السبعة الأولى من العام تدفقات مالية غير مسبوقة بلغت 4.5 تريليون دولار، مدفوعة بطفرة في سوق الأسهم، وارتفاع تداول ديون البنوك قصيرة الأجل، وزيادة إقبال المستثمرين الأجانب على السندات الحكومية، وفق ما نقلت “بلومبرغ”.
ويضع هذا التحول الصين على طريق الاقتصادات الكبرى مثل الولايات المتحدة واليابان، حيث تفوق حركة رؤوس الأموال حجم التجارة بأضعاف، ما يفتح المجال أمام مزيد من الشركات الصينية في المراكز المالية العالمية، وزيادة حضور الأسهم المدرجة في شنغهاي ضمن صناديق التقاعد الأجنبية، وتعزيز حصة اليوان في احتياطات البنوك المركزية حول العالم.
وقال كبير الاقتصاديين في بنك “BBVA” في هونغ كونغ، لي شيا: “تدفقات الحساب الرأسمالي ستصبح المحرك الرئيسي في الصين، كما هو الحال في الاقتصادات الكبرى، لكن السلطات ستواصل الانفتاح بوتيرة محسوبة”.
مدخرات ضخمة وفرص جديدة
يوفر الانفتاح المالي خيارات أوسع للمدخرين المحليين، الذين يحتفظون بـ23 تريليون دولار في ودائع، في وقت تتراجع فيه عوائد السندات وتنخفض أسعار العقارات، مع مخاوف من فقاعة محتملة في سوق الأسهم.
وأكد كبير الاقتصاديين في بنك “ستاندرد تشارترد”، دينغ شوانغ، أن الصين ستواصل فتح أسواقها، ما سيعزز تدفقات الحساب الرأسمالي، ويرفع مكانة اليوان دولياً، ويوفر فرصاً أكثر تنوعاً للمستثمرين، مع مراعاة السلطات لتجنب الفوضى في حركة رؤوس الأموال.
من الانغلاق إلى الانفتاح التدريجي
تشهد التحويلات ضمن الحساب المالي للصين، الذي يغطي تحركات الأموال للأوراق المالية والاستثمارات المباشرة، ارتفاعاً بنسبة 17% شهرياً مقارنة بالعام الماضي، وفق بيانات رسمية حتى يوليو. وإذا استمرت هذه الوتيرة، فإن التدفقات المالية على وشك تجاوز التحويلات المسجلة في الحساب الجاري لأول مرة.
وكانت الصين قد شددت قيودها على حركة رؤوس الأموال قبل نحو عقد، عقب صدمة خفض قيمة اليوان التي تسببت في موجة كبيرة من خروج الأموال، أجبرت البنك المركزي على إنفاق أكثر من نصف تريليون دولار من احتياطاته.
لكن في السنوات الأخيرة، بدأت بكين إزالة العقبات أمام المستثمرين الأجانب، وفتحت قنوات جديدة لشراء الأسهم والسندات المدرجة في هونغ كونغ، مع تخفيف القيود وإطلاق نظام مدفوعات جديد مع هونغ كونغ، والسماح لبعض المستثمرين المحليين بضخ أموالهم في أصول خارجية.
ومع ذلك، لا تزال هناك قيود على معظم قنوات التدفقات الخارجة، مثل نظام الحصص الذي يحدد استثمارات المؤسسات المحلية في الخارج، ويقيّد شراء المقيمين للعملات الأجنبية بـ50 ألف دولار سنوياً دون موافقة الجهات التنظيمية.
وذكر الخبيران الاقتصاديان في “غولدمان ساكس”، هوي شان وتشيلسي سونغ، أن القوة التصنيعية المتنامية للصين والتحولات الجيوسياسية توفر فرصاً جديدة لتدويل اليوان، مع تحديات التوازن بين الضوابط الحكومية ورغبات المستثمرين الأجانب في مزيد من الشفافية والانفتاح.