الردع العربي… قراءة في خطاب جلالة الملك

2 د للقراءة
2 د للقراءة
الردع العربي... قراءة في خطاب جلالة الملك

صراحة نيوز-بقلم: جهاد مساعده

ألقى جلالة الملك عبدالله الثاني خطابًا يعدّ خريطة طريق للأمن الإقليمي. فحين قال: “ردّنا يجب أن يكون واضحًا، حاسمًا، ورادعًا”، رسم ملامح معادلة جديدة للعلاقة بين العرب وإسرائيل، معادلة تتجاوز حدود الردّ اللحظي إلى تأسيس سياسة ردع مستدامة.
الملك لم يتحدث عن قطر فحسب، بل ربط العدوان الإسرائيلي على الدوحة بسلسلة من الانتهاكات الممتدة من غزة والضفة الغربية إلى لبنان وسوريا، وصولًا إلى القدس. هذا الربط يحوّل الاعتداء على قطر إلى إنذار استراتيجي للمنطقة بأسرها، مؤكّدًا أن التهديد الإسرائيلي أصبح مشروعًا يتمدّد كلما واجه صمتًا عربيًا أو دوليًا.
والردع في نظر جلالة الملك ليس مجرد استعراض للقوة العسكرية، إنّه شبكة متكاملة من عناصر القوة: تحالفات عربية وإسلامية متينة، أوراق ضغط اقتصادية، وتفعيل أدوات القانون الدولي. هذه المقاربة تجعل كلفة أي اعتداء أعلى من أي مكسب، وتنقل الموقف العربي من خانة الشجب التقليدي إلى مستوى القدرة على فرض قواعد جديدة للّعبة الإقليمية.
الأردن، الذي يملك رصيدًا طويلًا في السعي إلى السلام العادل ورعاية المقدسات في القدس، يقدّم من خلال هذه الرؤية نموذجًا لدور الدولة القادرة على صياغة توازن إقليمي. فالدعوة إلى الردع لا تعني الميل إلى الحرب، بل تعني بناء سلامٍ تحرسه قوة حقيقية، سلامٍ يقوم على احترام متبادل لا على خوفٍ من عدوان متكرر.
خطاب الملك يذكّر العالم بأن السلام لا يُستجدى، بل يُنتزع بالردع والقوة، ويُصان بقرار سياسي وجبهة موحدة وإرادة صلبة. وهي رسالة لا تخص العرب وحدهم، بل المجتمع الدولي كله: إن غاب ردعٌ فعّال، فإن فراغ القوة لن يملأه سوى مزيد من العنف.

بهذا المعنى، يتجاوز خطاب جلالة الملك في الدوحة لحظة الأزمة الراهنة ليصبح دعوة عالمية إلى إعادة تعريف الردع كضمان للسلام، لا كتهديد له. ومن الأردن، البلد الذي خبر معادلة الصراع والتسوية، يجيء الصوت واضحًا: سلامٌ تحميه القوة، لا يفرضه الضعف.

Share This Article