صراحة نيوز- بقلم اللواء المتقاعد طارق عبد المحسن الحباشنة
تشكل زيارة سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني إلى العاصمة الأمريكية واشنطن في هذا التوقيت محطة سياسية ودبلوماسية بالغة الأهمية، ليس فقط على صعيد العلاقات الأردنية الأمريكية، بل على مستوى المنطقة ككل، لما يحمله الأردن من دور محوري في قضايا الاستقرار الإقليمي، وخصوصاً في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة.
وتاتي أهمية هذه الزياره من خلال :-
أولاً: تعزيز العلاقات الثنائية بين الأردن والولايات المتحدة
تأتي هذه الزيارة لتؤكد متانة العلاقات الاستراتيجية بين المملكة الأردنية الهاشمية والولايات المتحدة الأمريكية، والتي تمتد لعقود من التعاون في مختلف المجالات السياسية، الأمنية، والاقتصادية. وتُمثل هذه الزيارة فرصة لتعزيز التعاون المشترك، وتوسيع آفاق الشراكة في الملفات ذات الأولوية، لا سيما في مجالات التنمية، الاستثمار، والتعليم، إلى جانب التعاون العسكري والأمني المستمر.
ثانياً: توقيت حساس في ظل تصاعد الأزمات الإقليمية
تأتي الزيارة في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط تصعيداً خطيراً في الأوضاع، خاصة في فلسطين ولبنان وسوريا، إضافة إلى التوترات المتزايدة في البحر الأحمر والخليج العربي. وهنا يبرز الدور الأردني المتوازن، حيث يمكن لسمو ولي العهد أن ينقل الرؤية الأردنية القائمة على الدعوة للحلول السياسية والدبلوماسية، وضرورة حماية المدنيين، وضمان الاستقرار الإقليمي.
ثالثاً: تمكين الجيل الجديد من القيادة الدبلوماسية
تحمل هذه الزيارة بُعداً مستقبلياً مهماً، كونها تمثل واحدة من أبرز المحطات الدولية التي يقوم بها سمو ولي العهد بصفته ممثلاً لجلالة الملك عبدالله الثاني. وهذا يُعد تتويجاً لنهج إعداد الأمير الحسين لدوره القيادي المستقبلي، من خلال تعميق خبراته في الشؤون الدولية، واكتساب مزيد من العلاقات الدبلوماسية مع صناع القرار العالميين.
رابعاً: ملفات اقتصادية وتنموية حيوية
لا شك أن الملف الاقتصادي يحتل حيزاً مهماً في هذه الزيارة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه الأردن، كالبطالة وارتفاع كلفة المعيشة. ومن المرجّح أن يتم التباحث حول سبل تعزيز الاستثمارات الأمريكية في الأردن، وزيادة الدعم الفني والمالي للمشاريع التنموية، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة، المياه، والتعليم.
خامساً: التأكيد على الدور الأردني في دعم القضية الفلسطينية
لطالما كان الأردن صوتاً معتدلاً وعقلانياً في دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وخاصة في ملف القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية. وتُعد هذه الزيارة فرصة لتجديد الموقف الأردني الراسخ من حل الدولتين، والعمل مع الإدارة الأمريكية على دفع جهود السلام العادل والدائم في المنطقة.
سادساً: التركيز الإعلامي وردود الأفعال الأمريكية
حظيت زيارة سمو ولي العهد باهتمام لافت من قبل وسائل الإعلام الأمريكية والدولية، التي رأت فيها مؤشراً على انتقال مدروس وناعم للأدوار القيادية في الأردن، مع حفاظ المملكة على ثوابتها السياسية والإقليمية. وقد تناولت تقارير صحفية بارزة مثل واشنطن بوست ونيويورك تايمز الزيارة، مشيرة إلى أن الأمير الحسين يمثل جيلاً جديداً من القادة العرب، المتعلمين، المنفتحين على العالم، والملتزمين بالاعتدال والتقدم.
أما على الصعيد السياسي، فقد صدرت إشارات إيجابية من دوائر صنع القرار في واشنطن، تعكس التقدير للدور الأردني في حفظ استقرار المنطقة، والدعم المتواصل الذي توليه المملكة للقضايا الإنسانية، وخاصة تجاه اللاجئين. كما عبّر عدد من أعضاء الكونغرس عن أهمية تعزيز التعاون مع الأردن، معتبرين أن زيارة سمو ولي العهد تفتح آفاقاً جديدة للعلاقات المستقبلية بين البلدين
خاتمة:
تمثل زيارة سمو ولي العهد إلى واشنطن خطوة دبلوماسية مدروسة في وقت دقيق تمر به المنطقة، وتأتي لتؤكد على استمرارية الدور الأردني البناء على الساحة الدولية. كما تعكس ثقة القيادة الأردنية بقدرات سمو الأمير الحسين، الذي يمثل جيل الشباب، ورؤية مستقبلية تستند إلى الحكمة والاعتدال والدبلوماسية النشطة، وهو ما أثار اهتماماً دولياً متزايداً، وخاصة من جانب صناع القرار والإعلام في الولايات المتحدة.