صراحة نيوز -كشفت صحيفة الإندبندنت البريطانية – نسختها العربية في تقرير موسع من عمّان عن تناقض صارخ في الأردن بين واقع اقتصادي هش يعتمد على المنح والقروض الخارجية، وبين رواتب وامتيازات يحصل عليها عدد محدود من كبار المسؤولين تصل إلى عشرات الآلاف من الدولارات شهرياً.
ووفق التقرير، فإن الحد الأدنى للأجور في الأردن لا يتجاوز 400 دولار شهرياً، بينما يبلغ متوسط رواتب غالبية العاملين نحو 600 دولار فقط. في المقابل، يحصل بعض كبار المسؤولين على رواتب وامتيازات تصل إلى 50 ألف دولار شهرياً أو أكثر، أي ما يعادل نحو ثمانية أضعاف متوسط دخل الفرد الأردني السنوي البالغ نحو 6 آلاف دولار.
التقرير أشار إلى أن هذه الفوارق تبرز فجوة اجتماعية متنامية بين قلة ميسورة تحتل مواقع القرار، وغالبية واسعة من المواطنين تعاني من ارتفاع تكاليف المعيشة والبطالة. وتبرر الحكومات الأردنية هذه الرواتب العالية بأنها موجهة لأصحاب “الكفاءات والخبرات الخاصة” وحقوق مكتسبة لا يمكن المساس بها، فيما يرى خبراء اقتصاديون أنها تشكل عبئاً إضافياً على خزينة الدولة وتفاقم العجز المالي المتراكم، فضلاً عن تعميق شعور المواطنين بعدم العدالة الاقتصادية.
وأضاف التقرير أن الأردن يعتمد بشكل كبير على المنح والقروض الدولية لتغطية نفقاته الأساسية، في ظل مديونية عامة تتجاوز 50 مليار دولار، مما يجعل الرواتب العالية للمسؤولين قضية حساسة تثير تساؤلات حول أولويات الإنفاق العام وإدارة الموارد المحدودة.
وترى الصحيفة أن استمرار هذه الرواتب وامتيازاتها يساهم في خلق “برجوازية جديدة” يصعب اختراقها، ويعزز الانفصال بين النخب السياسية والاقتصادية من جهة، والمواطنين العاديين من جهة أخرى، ما يضعف الثقة بالمنظومة الاقتصادية والسياسية ويقوّض شعور المواطنين بالعدالة والمساواة.
واختتمت الإندبندنت بالإشارة إلى أن التناقض بين الرواتب الفلكية لبعض المسؤولين وأوضاع المواطنين الاقتصادية الصعبة يعكس إشكالية عميقة في إدارة الموارد داخل الأردن، خاصة في ظل الضغوط المالية والمعيشية المتزايدة واعتماد الدولة على الدعم الخارجي لتأمين جزء من ميزانيتها السنوية.