الأمة التي تهدد بالكلام وتفقد الأرض بالسكوت

2 د للقراءة
2 د للقراءة
الأمة التي تهدد بالكلام وتفقد الأرض بالسكوت

صراحة نيوز -بقلم -م مدحت الخطيب
في عام 1986، تعرّض مواطن أمريكي يُدعى أندرو كارون للسرقة بالإكراه، لصٌّ ملثّم انتزع منه 95 دولارًا ثم هرب، كان يمكن لأندرو أن يتعامل مع الحادث بعقلانية وبصمت ، أو أن يُعالج جرحه بالهدوء والتخطيط، لكنه اختار أن يردّ بطريقة مختلفة تمامًا:
أنفق 8000 دولار على إعلان تلفزيوني محلي، ظهر فيه متسلحًا ببندقيته، يُهدد اللص قائلاً إنه سيقتله إن رآه مرة أخرى…

لكن ما الذي حدث؟
اللص لم يخَف، بل ضحك في سرّه، الإعلان لم يُرعبه، بل منحه المعلومات التي يحتاجها: عنوان البيت، شكل السلاح، وحتى طبيعة الرجل، اقتحم اللص منزل أندرو ليلًا، كبّله هو وزوجته، سرق كل شيء وهو يضحك، بما في ذلك السيارة والأسلحة التي ظهر بها في الإعلان، فتحوّل الاستعراض إلى فضيحة، والتهديد إلى إعلان مجاني يكشف الثغرات…

اليوم ما أقرب أمتنا العربية والإسلامية عن تصرفات أندرو كارون…

نرفع شعارات تهزّ السماء، لكن على الأرض لا نملك خطة لأي طارئ،

نُنفق المليارات على السلاح و المؤتمرات والخطابات والبيانات الرنانة ، بينما يُنهب وطننا العربي قطعة بعد أخرى وتستباح دولنا كل يوم…
نُهدد أعداءنا فقط عبر الشاشات والقنوات والمقالات ، فيضحكون وهم يخططون لاقتحام بيوتنا وسرقة مقدراتنا بلد تلو الآخر..
نعم لقد تحوّلنا إلى نسخة مكررة من أندرو: نُشهر أسلحتنا أمام الكاميرا، بينما تُكبل أيدينا في الواقع، وتنتهك حرماتنا نهارا جهارا ولا يتحرك لنا ساكن،، نُفاخر بما نملك من قدرات عسكرية ونقدية وجيوسياسية وأدوات نفوذ يحتاجها العالم بأكمله ، ثم نستيقظ لنجد حتى ما تبقى قد سُرق من بين أصابعنا…

رسالتي لمن يبحث عن طريق الخلاص، القوة الحقيقية لا تُبنى بالاستعراض، ولا تُصنع أمام الكاميرات ولا تنطقها أفواه المحللين عبر الشاشات …
القوة تُبنى بالتخطيط، بالوحدة، بالعمل الجاد بالإخلاص للوطن والدفاع عنه،
صدقوني
اللصوص لا يخافون صور البنادق على الشاشات، بل يخافون الأمة حين تُصبح سلاحًا حيًّا على الأرض، حين تتحول خطاباتها من كلمات إلى أفعال…

اليوم أمتنا العربية والإسلامية تمر في أصعب حالاتها فإن لم نتعلم من قصة أندرو، فسنظل ندفع 8000 دولار لنستعيد 95، ونظل نُهدد بالقتل، بينما تُكبّل أيدينا أمام أبواب بيوتنا ونحن صاغرين…

Share This Article