صراحة نيوز- أشار بيان توضيحي بخصوص خليفة النائب محمد الجراح الذي تم فصله من حزب العمال والبرلمان الاردني أنه تمت استشارة أكثر من 50 شخصية قانونية وسياسية بينهم قضاة حاليون ومتقاعدون ومحاميون وأساتذة جامعات وعمداء كليات قانون ورؤساء وأعضاء اللجنة الملكية للتحديث السياسي لاسيما لجنتي الانتخاب و الأحزاب، وقد أجمعوا على ما يلي :
أولا: القواعد الفقهية الثابتة في تفسير القانون :
أ. الفهم اللغوي المنضبط قواعد ومعاني هو ما يحكم النص القانوني
ب. النص الخاص يقيد النص العام .
ج. النص اللاحق ينسخ النص السابق .
ثانيا: بإسقاط هذه القواعد على نص المادة 58 من قانون الانتخاب، فإننا نتوصل الى ما يلي:
جاء متن المادة 58 من القانون لمعالجة أحكام شغور المقعد النيابي لمن فازوا على القائمة الحزبية، ثم عالجت فقراتها الأربعة أربع حالات مختلفة من هذا الشغور لكل حالة منها حكمها الخاص.
إذ جاءت الفقرة الأولى منها لتعالج حكم شغور مقعد النائب عن القائمة الحزبية في مجلس النواب بشكل عام
ثم جاءت الفقرة الثانية منها لتنص على شغور مقعد مسيحي او شركسي عن القائمة الحزبية، ذلك أن المسيحي والشركسي لهما حصة محجوزة من المقاعد في مجلس النواب عن مقاعد القائمة الحزبية هي ثلاثة مقاعد، وفي حال شغور احدها فلا بد أن يتم ملء المقعد بمسيحي او شركسي لأنها “كوتا”، أي حصة محجوزة من مقاعد مجلس النواب.
ثم جاءت الفقرة الثالثة لتعالج حكم شغور مقعد الشاب أو المرأة عن القائمة الحزبية، مع مراعاة أن الشغور المقصود هنا هو شغور المقعد في مجلس النواب بشكل اعتيادي عبر احكام الشغور المعتادة، علما بأن مقعد الشاب والمرأة في القائمة الحزبية ليس كوتا، اي ليس حصة محجوزة من المقاعد في مجلس النواب، وإنما هي شروط لصحة تشكيل القائمة وقبول تسجيلها، بمعنى أن حكم الفقرة الثالثة أصلا لا يستقيم مع الفهم القانوني السليم، ولكن، بوجود النص لا يسعنا الا القبول به على قاعدة ان اعمال النص خير من إهماله، مع التأكيد على أن الفقرات الثلاث الاولى من نص المادة 58 تتناول حالات الشغور التي ألفتها قوانين الانتخاب السابقة كالوفاة، أو الاستقالة، أو فقدان الأهلية القانونية، أو المرض العضال الذي يمنع صاحبه من العمل، أو صدور حكم قضائي بحقه بالسجن لمدة تزيد عن سنة في جريمة غير سياسية، أو غيرها من الأسباب التي قد تمنع صاحبها من ممارسة مهامه ، والفقرات الثلاث كلها تتناول أحكاما مختلفة تتعلق بشغور المقعد في مجلس النواب.
أما الفقرة الرابعة فقد جاءت بحكم خاص لمعالجة حالة خاصة لم تعالجها اي من الفقرات الثلاث الأولى ، وإلا كان وجودها لغوا ، والقاعدة الفقهية أن المشرع لا يلغو.
وهذه الحالة الخاصة التي عالجتها الفقرة الرابعة، هي حالة مستحدثة لم تعرفها قوانين الانتخاب من قبل، نظرا لاستحداث القائمة الحزبية وتخصيص مقاعد للنواب الحزبيين الفائزين عنها في مجلس النواب،
وهذه الحالة هي حالة فقدان عضوية النائب في الحزب الذي فاز عنه ودخل بموجبه مجلس النواب عبر القائمة الحزبية، إما باستقالته من الحزب أو بفصله منه، وهي حالة جديدة لم تألفها قوانين الانتخاب من قبل لأنه لم يسبق أن كان هناك نواب يترشحون على قوائم حزبية وباسم الحزب ، ولم يسبق ان كانت العضوية الحزبية شرطا للترشح لخوض الانتخابات.
وعليه ولأن القاعدة القانونية تنص على أن الحكم اللاحق ينسخ الحكم السابق ولأن الفقرة الرابعة هي اللاحقة والفقرة الثالثة هي السابقة ، فلا يستقيم قانونيا إسقاط الحكم الخاص(بل الاخص) الموجود في الفقرة الرابعة على الحكم الموجود في الفقرة الثالثة، فلا يجوز تفسير القانون بالعكس ، لأن البناء القانوني هو بناء متسلسل وترتيب المواد يأتي لغايات هذا البناء المحكم، والعودة بالنص الى الخلف بدلا من المضي به الى الأمام يخالف مقصد المشرع والفهم القانوني السليم مخالفة صريحة، ولو كان المشرع يريد إسقاط الحكم الوارد في الفقرة الثالثة على ما ورد في الفقرة الرابعة لقال في نهاية نص الفقرة الرابعة (مع مراعاة ما ورد في الفقرة الثالثة) لأن هذه الحالة القانونية التي تعالجها الفقرة الرابعة هي حالة خاصة بل اخص من الخاصة، لذلك، فإن حكمها هو واجب التطبيق لأن الخاص يقيد العام.
علاوة على ما تقدم، فإن القاعدة الثابتة في تفسير القانون هي توفر الفهم اللغوي السليم من حيث التراكيب والمعاني والقواعد اللغوية ، وبما أن الفقرة الرابعة قد بدأت بأداة الشرط إذا، متبوعة بجملة الشرط فيجب ان يتبعها حكما جواب للشرط ، وإلا لتحولت الى عبارة بلا معنى، ولا تصلح لتكوين جملة سليمة بالأساس، وبالتالي لا تصلح لأن تكون حكما قانونيا.
ولا يستقيم إطلاقا أن نأخذ فعل الشرط من الفقرة الرابعة ثم نصعد إلى الفقرات الأعلى لنبحث فيها عن جواب لفعل الشرط المنصوص عليه نصا في الفقرة الرابعة مهملين وجوده في ذات الفقرة وكأنه غير موجود.
وأخيرا، فإن الفهم القانوني السليم يحتم أن يكون المقعد الذي يخلف النائب المستقيل أو المفصول من حزبه هو لعضو القائمة الذي يليه في الترتيب مع التذكير بأن هذا الترتيب يعكس الافضلية التي رتب فيها الحزب أعضاءه ليخلف كل عضو العضو الذي قبله.
إن تجاهل حكم الفقرة الرابعة يمثل اعتداء صريحا على اللغة وعلى الفهم اللغوي واعتداء صريحا على الفهم الصحيح للقانون وقواعد تفسير القوانين، وإهمالا لإرادة جلالة الملك في التحديث السياسي التي منحت الحزب الحق في ترتيب اعضائه في القائمة والحق في فصلهم من الحزب عند مخالفتهم أحكام القانون او النظام الأساسي للحزب.