صراحة نيوز- محمود الدباس – أبو الليث..
حين ينزل الخطاب من لسان وزير سابق إلى مستوى يصف فيه المنتقدين لعقد مع مؤثر على مواقع التواصل بأنهم “هاي الأشكال”.. فهنا لا يكون النقاش حول العقدٍ.. ولا حول المؤثر.. بل حول طريقة التفكير.. التي تستهين بالناس.. وتعامل النقد باعتباره ضجيجا.. لا قيمة له..
وحين يخرج معاليه ليقول “لا تلتفت لهاي الأشكال”.. فهو لا يسيء إلى شخص بعينه.. بل يوجه إهانة إلى شريحة واسعة من أبناء الأردن.. شريحة لا تطلب سوى الإصلاح.. والمحاسبة.. وحماية المال العام.. والبعد عن عالم التفاهة.. فهل هكذا يكون الحوار مع مَن ينتقد.. أو يسائل؟!..
الأصل أن يترفع مَن خدم في موقع المسؤولية عن لغة الاستعلاء.. وأن يكون قدوة في ضبط النفس.. وأدب الكلمة.. لا أن ينزلق إلى مفرداتٍ.. لا تليق بكرامة الموقع.. ولا بمقام الدولة.. فالكلمة يا معاليك.. أقوى من القرار.. وأبقى من المنصب..
فالوطن ليس ملكا لأحد.. والمسؤول حين يخرج من موقعه.. يبقى في نظر الناس شاهداً على تجربته.. إما أن يترك أثراً من احترام يليق بمنصب تولاه.. أو أن يكشف لسانه عن ضيق صدرٍ لا يليق بمقام رجل دولة.. فالمسؤول الذي لا يحتمل النقد.. لا يستحق أصلا أن يتولى موقعاً عاماً..
وعليك ان تتذكر يا معالي الوزير.. أن النقد ليس خصومة.. والاختلاف ليس عيباً.. بل هو وقود التطوير والتصحيح الذي كنت تنادي به.. أما مَن يرى الناس ” هاي الأشكال” لمجرد أنهم لم يصفقوا لما يعجبه.. أو يفعله.. فهو يعيد إنتاج عقلية الاستعلاء.. التي أرهقت هذه البلاد.. وأدخلتها في أزمات الثقة..
إن من يسمي الوطنيين الشرفاء.. الذين لا يتقبلون التفاهة على شاشة الوطن بـ “هاي أشكال”.. إنما يسيء إلى نفسه.. قبل أن يسيء إلى الناس.. فالناس هم أصحاب هذا الوطن.. وهم رصيده الباقي.. وهم مرآته التي لا يملك وزير سابق.. ولا لاحق.. أن يحجبها..
هذه الأشكال يا معالي الوزير.. هي التي تدفع ضرائبها.. لتدفع رواتب الوزراء.. وهي التي تصبر على سياساتٍ لم تُحسن إدارتها.. وهي التي ما تزال تصحو كل صباح على أمل أن ترى بلدا أجمل.. فبأي منطق يُختزل كل ذلك في كلمة احتقار؟!..
ونحن إذ نرد.. فإننا لا نرد على الأشخاص لذاتهم.. بل على المفاهيم المغلوطة.. والألفاظ غير اللائقة.. لنقول لأصحاب القرار في هذا البلد.. إن كرامة الناس هي خط أحمر.. وإن احترام المواطن هو أساس أي شرعية.. ومَن يتنكر لذلك.. لا يستحق أن يمثل الدولة لا في الحاضر.. ولا في المستقبل..