صراحة نيوز -بقلم – د.منذر الحوارات
شكّل قرار تقسيم فلسطين عام 1947 وهزيمة الجيوش العربية عام 1948 جرحًا غائرًا في ضمير الشعوب العربية، وفتح الباب لأسئلة جوهرية حول قدرة دولة صغيرة مثل إسرائيل على هزيمة فضاء عربي وحضاري يمتد آلاف السنين. حاولت التحليلات التقليدية عزو الهزائم إلى الخيانة، البُعد عن الدين، غياب الوحدة أو التآمر الغربي، لكن القليل من الدراسات تعمّق في فهم قوة العدو وضعفه الحقيقي.
تُظهر التجربة أن إسرائيل نجحت في هزيمتنا عسكريًا وسياسيًا لأنها دولة تفكّر وتُحاسب وتنتخب، وتمثل امتدادًا للحضارة الغربية، بينما ما زلنا نحن ندخل الحداثة من باب التحديث الرمزي فقط، فنصبح بالنسبة للغرب مجرد ظلّ. ونتيجة لذلك، طالما استمرت الحضارة الغربية قوية، ستظل إسرائيل قوية، ولن يتغير واقع الهزائم إلا بفهم حدود قدراتنا واستثمار أدواتنا السياسية والدبلوماسية بذكاء.
في ظل فشل المواجهات العسكرية، أصبح خيار حل الدولتين اليوم خيارًا واقعيًا وليس استسلامًا، إذ يتيح استثمار الخبرة العربية والإسلامية واستقرار الأنظمة واستغلال المخاوف الدولية والأوروبية لتحقيق نتائج ملموسة للشعب الفلسطيني. وقد جسّد هذا المسار التحالف الدولي الذي قادته السعودية وفرنسا بمشاركة الأردن ومصر وعدد من الدول العربية والإسلامية، وصولاً إلى مؤتمر الاعتراف بالدولة الفلسطينية الذي صوّتت فيه 160 دولة، وهو رقم تاريخي يدل على إمكان تحقيق مكاسب سياسية ملموسة عبر الدبلوماسية.
خلاصة القول، أن حل الدولتين لم يعد شعارًا، بل أصبح واقعًا سياسيًا مفروضًا بعد عقود من الفشل العسكري والإيديولوجي. وهو الحل الممكن في ظل موازين القوى الحالية، ويتطلب من العرب والفلسطينيين الشجاعة والذكاء لاستثمار أدواتهم الدبلوماسية بفاعلية، بدل الاستمرار في الدوران داخل مربع الخيبة والهزائم المتكررة.