اليوم العالمي للصحة النفسية… خلينا نحكي وما نخبي

4 د للقراءة
4 د للقراءة
اليوم العالمي للصحة النفسية… خلينا نحكي وما نخبي

صراحة نيوز- حنين البطوش
استشارية نفسية أسرية وتربوية

أوقات منضحك بصوت عالي، بس جوّاتنا في تعب ما حد شايفه، ومنمثل دور القوي، ومع ذلك كل اللي نحتاجه هو حد يسمعنا ويحتضننا.
اليوم العالمي للصحة النفسية جاي ليذكرنا إن الوقت حان نكسر الصمت، ونحكي عن وجعنا بلا خوف من حَكم أو وصمة، لأن الحقيقة بسيطة: راحتنا النفسية هي أساس كل شي بحياتنا، وهي اللي بتعطينا القوة نكمل.

أول خطوة للعلاج مش الدواء، هي إنك تعترف، تعترف إن التعب النفسي مش ضعف، وإن القلق أو الاكتئاب أو حتى الإرهاق اللي بيكسرنا أحيانًا، مجرد تجارب إنسانية ممكن يمر فيها أي واحد منا.
لما نعرف ونفهم، منخفف عن حالنا لوم الذات، وبنصير أجرأ نطلب المساعدة.
الوعي النفسي مش رفاهية، هو درع بيحمينا من الانكسار، وكل ما زاد وعينا، كل ما صرنا مجتمع أرحم، أدفأ، وأقدر على كسر الصمت اللي ساكت جوّا قلوب كثير ناس.

البيت هو المكان الأول اللي بنحتاج فيه أذن تسمعنا وقلب يحتوي مشاعرنا، دعم الأهل، الإصغاء لأولادهم بدون أحكام، والاعتراف بمشاعرهم، بيساهم بشكل مباشر في بناء جيل أقوى نفسيًا، العائلة مش بس حاضنة جسدية، هي حاضنة نفسية بتزرع الطمأنينة وتكسر العزلة.

البيت مش أربع جدران وسقف… البيت الحقيقي هو المكان اللي نلقى فيه أذن تسمعنا بصدق، وقلب يحتوينا حتى لو كنا مشوشين أو ضعاف.
لما الأهل يختاروا يسمعوا أولادهم بلا أحكام، ويعترفوا بمشاعرهم بدل إنكارها، بيزرعوا فيهم ثقة ما بتتهز،
العيلة مش بس مأوى للجسد، هي حضن للنفس، ملاذ يطرد الوحدة، ومساحة بتخلّي الطفل يكبر وهو حاسس إنّه مش لحاله بهالدنيا.

للأسف، لا تزال بعض الأفكار القديمة في مجتمعنا تظن أن الحديث عن الصحة النفسية دليل ضعف أو جنون، وهذا يجعل كثيرين يخفون مشاعرهم أو يترددون في طلب المساعدة، ومع ضغوط الحياة اليومية، البطالة، الأزمات الاقتصادية والسياسية، وحتى الفوضى المستمرة على وسائل التواصل الاجتماعي، يصبح التوتر النفسي عبئًا أكبر من أي وقت مضى، اليوم العالمي للصحة النفسية هو تذكير لنا جميعًا بأن الاعتناء بعقولنا ومشاعرنا ليس رفاهية، بل خطوة شجاعة نحو حياة أكثر توازنًا وسعادة

طيب، شو الحل؟ خلينا نكون صريحين… الصحة النفسية مش لعبة، ومش كفاية نحكي عنها مجرد مرة بالسنة، الحلول موجودة، بس محتاجين نطبقها بحياتنا اليومية، أول شيء، مطلوب نبدأ بنشر التثقيف النفسي من المدارس للجامعات وكل مؤسسة اجتماعية، عشان كل واحد يعرف شعوره طبيعي وما فيه داعي يخاف يحكي، بعدين مهم نوفر خدمات الدعم النفسي بأسعار مناسبة أو حتى مجانية، لتكون متاحة لكل محتاج، وما ننسى لغة الحوار في البيت، الإصغاء بدل التوبيخ، والفهم بدل الحكم، لأنه البيت هو المكان الأول للطمأنينة، كمان مطلوب نكسر وصمة المجتمع اللي لسه بتخلي الناس تخجل تتكلم، بالإعلام والمبادرات الشبابية اللي بتعطي مساحة للتعبير، وما ننسى الوقاية أهم من العلاج، خلونا نهتم بالرياضة، الأنشطة الجماعية، وتعلم مهارات التعامل مع الضغط، باختصار الصحة النفسية مسؤوليتنا كلنا والبدء يكون بخطوات صغيرة لكنها قوية.

اليوم العالمي للصحة النفسية مش مجرد تاريخ على التقويم، ولا كلمة عابرة نقرأها وننسى، هو تذكير صغير بأننا لسنا وحدنا، وأن كل شعور مؤلم نستشعره يستحق أن يُسمع، خلينا نحكي، حتى لو بصوت خافت… حتى لو بكلمة واحدة… فالصمت يكبر وجعنا أكثر مما نتخيل.
الصراحة مع النفس، والاعتراف بما نشعر به، والبحث عن يد تمتد لنا… كلها شجاعة، وكلها حب لأنفسنا.
لا تنتظر مناسبة لتشعر بأنك مهم… اليوم، الآن، أنت تستحق أن تُرى، أن تُسمع، وأن يُحتضن قلبك.

Share This Article