صراحة نيوز – بقلم محمد جمعة الخضير
– في زمن التحوّلات لا يمكن فصل الحاضر عن جذور ماضيه، ولا فصل غضب الأجيال عن إرث الاحتجاجات التي سبقتها فجيل “Z” جزء معبر عن مرحلة جيلية تتزامن باشتباك التواصل مع أجيال الانتظار، التي كانت جزءًا من محرّكات الربيع العربي، التي ما تزال الظروف والدوافع التي أشعلت شرارته قائمة ، مما يجعل من حراك هذا الجيل، عدوة سريعة الانتقال إلى أشقائهم في ذات البيئات، نحو التعبير عن غضبهم والنضال بسبيل الحياة الكريمة .
وما هذه التغيّرات في تقاسم الأدوات، والاشتراك في وسائل التعبئة والحشد، وذهنية الفهم للحقوق بمطلقها، بعيدًا عن التوجهات الحزبية أو الأيديولوجيات التقليدية، وعن السلوك التقليدي للأجيال السابقة التي ارتضت بأنصاف الحلول، إلا تعبيرًا عن توافق يخلق فضاءات تنعكس على الأرض بحراكها، نفيًا لما كان، وسعيًا لما يجب أن يكون.
جيل ينطلق بقناعات ثقافية وحقوقية أممية، سهّلها العالم الرقمي عبر إحداث محاكاة لدورهم في الحراك السياسي، مدفوع وعيهم بمقارنات أممية ومحلية تشحنها الممارسة السياسية ، والتفاوت الطبقي، وسوء توزيع الثروة، وفقر المرافق العامة عن مواكبة التطور والخدمة.
وبالمقابل، تتكلّس أدوات السلطة، وتصرّ على حصر معالجة الاحتجاجات ضمن المقاربة الأمنية، وخطاب سياسي محمّل برجعية فكرية حول علاقة الفرد بالسلطة، في مناخ يصوّر حالة من تآكل شرعية السلطة، وعجزها عن التمتع بالحيوية الكافية للاستجابة خارج عقلية “الهراوة”، التي، رغم تجاربها الكثيرة في التعامل مع الاحتجاجات، لا تزال تتبنى الأساليب ذاتها في كل مرة، دون أن تتعلم من دروسها، مُصِرّة في كل مرحلة تحول اجتماعي على تخوين نداء المستقبل، وآمال وتطلعات أجيال سئمت من بؤسها المتراكم، في مقاومة الوصاية، وثنائية الأمن والحرية.
وفي الحقيقة، فإن كل تلك الوقائع تستوجب التفكير الجاد في إعادة تعريف العلاقة بين الفرد والدولة، وبين الحرية والأمن، وبين الحقوق والواجبات، فنحن أمام وعي جيل يرفض الوصاية، وسياسة الكيل بمكيالين، وما يسود ذلك من تلويح دائم بحلول “الزنزانة”.