صراحة نيوز-بقلم: دلال اللواما
ها هو فجر الخميس الموافق 9/10/2025 في هذا اليوم جاء القرار بوقف اطلاق النار دخوله حيز التنفيذ بعد ان تتم المصادقة عليه في مصر هذا الفجر المنتظر يُطل أخيرا بعد عامين من الانتظار الثقيل، عامين تشققت فيهما الأرواح من الحزن، واهترأت القلوب من الخيبة، وتبددت الأحلام بين رماد الحرب وصمت العالم.
عامان مرا كعقود من الوجع، كانت فيهما الإنسانية تختبر في أقسى صورها، وكانت القلوب ترتجف على أمل أن تنقشع الغمامة، ولو قليلاً.
في هذه الحرب الموجعة شاخت الأرض وتجرعت دماء طاهرة وبكت الأمهات حتى جفت الدموع، وذبلت المعاني في ضجيج السياسة ومصالح القوى.
لكن هناك — في قلب الشرق — ظل وطن صغير بحجمه، كبير بموقفه، يقف بثبات نادر وسط عواصف الخذلان، يرفع صوته حين يخفت الجميع، ويمنح الموقف الأخلاقي نُبلًا يليق بتاريخ الأمة إنه الأردن. منذ اللحظة الأولى للحرب، كان الأردن حاضرًا بقراره، ثابتًا في موقفه، نبيلاً في أدائه حيث قاد جهودًا سياسية ودبلوماسية مضنية لوقف النزيف، وتحرك في أروقة القرار الدولي دون كللٍ أو ضجيج مؤمنًا بأن الصوت الهادئ حين يكون صادقًا أبلغ من صراخ العالم بأسره.
لم يكتفِ الأردن بالموقف، بل صنع الفعل فسيّر القوافل الإغاثية بلا انقطاع وأقام المشافي الميدانية، وفتح شرايين التواصل مع الضفة الغربية رغم القيود والعراقيل.
رفض التهجير رفض الأبطال، وواجه الضغوط بصلابة من يعرف أن الموقف ليس تجارة، بل مبدأ لا يُشترى ولا يُباع وتحمّل حملات التشويه الإعلامي، وواصل بثباتٍ وهدوءٍ مسيرته الإنسانية، مؤمنًا أن خدمة الحق لا تحتاج تبريرًا، وأن نصرة المظلوم هي امتحان القيم قبل السياسة.
واليوم، ونحن نطوي صفحة مؤلمة من الذاكرة، نقف وقفة شكر واعتزاز بقيادتنا وشعبنا الذي ظل وفيا لقيمه مخلصا لرسالته صادقًا في انتمائه للأمة وقضاياها وسيبقى الأردن شاهدا على زمن خفتت فيه الأصوات وارتفع فيه الصمت وسيبقى منارة للاتزان والشرف الإنساني في عالمٍ فقد اتزانه
ففي حين صمت العالم كان الأردن يتحدث وحين ماتت الضمائر ظل الأردن حيا،
وحين أُطفئت المصابيح ظل الأردن ضوء لا يخبو.