صراحة نيوز- بقلم / د. دانييلا القرعان
في خضم الأحداث المتسارعة التي تشهدها غزة الآن، جاء تصريح جلالة الملك عبدالله الثاني عبر منصة X ليحمل موقفاً أردنياً متوازناً يجمع بين البعد الإنساني والواقعية السياسية، إذ اكتفى جلالته بقوله:
“وقف إطلاق النار في غزة خطوة مهمة يجب أن تفضي إلى نهاية الحرب، آن الأوان أن ينعم أهلنا بالأمان وأن تصل المساعدات بلا قيود، نثمن دور الرئيس ترمب في التوصل للاتفاق وجهود الأشقاء في مصر وقطر وتركيا، وسيظل الأردن السند للشعب الفلسطيني الشقيق في سعيهم للحرية والدولة على ترابهم الوطني.”
بهذا التصريح القصير والبسيط في صياغته، يرسل جلالته رسائل استراتيجية متعددة الاتجاهات، فمثلاً عبارة “آن الأوان أن ينعم أهلنا بالأمان” تعبّر عن تعاطف عميق مع مأساة الفلسطينيين في غزة، وتذكّر العالم أن الهدف من أي اتفاق حماية الإنسان قبل أي مكسب سياسي، ولطالما دعا الأردن إلى ضرورة رفع القيود عن المساعدات الإنسانية ووقف معاناة المدنيين، هذا الموقف يتسق جداً مع مواقف الأردن في الأمم المتحدة والمحافل الدولية.
وتعكس إشادة الملك بجهود مصر وقطر وتركيا إلى جانب الرئيس ترمب انفتاحاً أردنياً محسوباً على جميع الأطراف التي ساهمت في التهدئة، دون الاصطفاف في محور ضد آخر، كما أنها رسالة ضمنية بأن السلام لا يصنع من طرف واحد بل بالتوافق العربي والدولي المشترك.
كما تؤكد كلمته أن الأردن “سيظل السند للشعب الفلسطيني في سعيه للحرية والدولة على ترابه الوطني”، وهو إعادة تثبيت لمبدأ حل الدولتين مع رفض لأي حل إنساني مؤقت يتجاوز جوهر الصراع، من احتلال وحق تقرير مصير ومعالجة الوضع الإنساني، ويحمل الموقف في طياته تذكيراً ضمنياً بدور الأردن التاريخي في حماية المقدسات في القدس والدفاع عن الحقوق الفلسطينية.
خلاصة القول، وجّه جلالته رسالته بلغة دبلوماسية وبحزم، مؤكداً أن وقف إطلاق النار لا يكفي إن لم يتبعه رفع للحصار وإعادة الإعمار وضمان تدفق المساعدات بلا قيود، وكأنه يذكّر المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه معاناة السكان. إن تصريحات جلالته ليست مجرد موقف رسمي بل يمكن اعتبارها خارطة طريق سياسية لمستقبل غزة، مع التمني أن تتحول الهدنة إلى سلام دائم وتوحيد جهود عربية ودولية لإيجاد حل سياسي شامل وعادل يعيد للفلسطينيين حقهم في الحياة والحرية والكرامة.