صراحة نيوز – العميد المتقاعد حسن فهد أبو زيد
على هامش توقيع اتفاقية السلام في شرم الشيخ، وبالتزامن مع هذا الحدث الهام، أعلن جلالة الملك عبد الله الثاني أن الشرق الأوسط يسير نحو الهاوية والهلاك إذا لم تُقم الدولة الفلسطينية على أساس حل الدولتين.
جاء ذلك خلال المقابلة الهامة التي أجرتها معه قناة (BBC)
في برنامج بانوراما، حيث قال جلالته بوضوح وحزم: “إن لم يتم التوصل إلى حل دائم على أساس حل الدولتين، بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، فإن الشرق الأوسط ماضٍ نحو الهلاك”
كلمات جلالته جاءت لتضع النقاط على الحروف، في وقتٍ تتصاعد فيه التوترات السياسية والأمنية في المنطقة، مؤكّدًا مرةً أخرى أن القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع في الشرق الأوسط، وهي القضية المركزية عربياً وأردنياً
ولأن الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس تمثل واجبًا دينيًا وتاريخيًا، فقد شدّد جلالته على ضرورة تكاتف الجهود العربية والإسلامية والدولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة من خلال إقامة الدولة الفلسطينية، محذرًا بصراحة غير مسبوقة من المصير المظلم الذي ينتظر الشرق الأوسط إن استمر تجاهل العدالة وتهميش هذه القضية المصيرية.
لقد كانت كلمات الملك صريحة كما عهدناه، حاسمة وواقعية، عبّرت عن الموقف الأردني الثابت الذي لا يساوم على الحقوق الفلسطينية، ولا يقبل بسياسات فرض الأمر الواقع التي تمارسها حكومة الاحتلال بحق الشعب
الفلسطيني.
وأكد جلالته أن استمرار هذه السياسات لن يجلب إلا الدمار والحراب للمنطقة بأكملها، مشيرًا إلى أن لا جدوى من الوعود الإسرائيلية ما لم يقابلها تحرك دولي حازم وضمانات حقيقية لإقامة الدولة الفلسطينية.
وأشار جلالته إلى أن أغلب دول العالم باتت تتجه نحو الاعتراف بهذه الدولة، لأن استقرار الشرق الأوسط لن
بتحقق دونها.
إن الرسالة الملكية كانت واضحة ومباشرة للعالم أجمع: لا استقرار في الشرق الأوسط دون حلٍ عادلٍ وشاملٍ للقضية الفلسطينية، ودون احترامٍ للوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف.
فالسلام لا يُفرض بالقوة، والأمن لا يتحقق بالعدوان، والمستقبل لا يُبنى على أنقاض الظلم.
لقد أعاد جلالة الملك عبدالله الثاني، من خلال تصريحاته الأخيرة، التأكيد على الدور الأردني المحوري بوصفه صوت الحكمة والعقل في زمنٍ تغيب فيه لغة الحوار وتعلو أصوات السلاح والمصالح الضيقة.
وإن بدت المنطقة اليوم وكأنها تسير نحو الهاوية، فإن صوت الأردن ما زال ينادي بالعقل والضمير الإنساني قبل فوات
الأوان.
إنها صرخة ملك ورسالة إلى العالم الحر، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، بأن الوقت قد حان لالتقاط هذه الرسالة والعمل على إنقاذ الشرق الأوسط لينعم بالأمن والسلام والاستقرار.