لماذا يفضل المراهقون هذا النوع من الرسائل؟

3 د للقراءة
3 د للقراءة
لماذا يفضل المراهقون هذا النوع من الرسائل؟

صراحة نيوز-قد يبدو المشهد مألوفًا في الكثير من البيوت: مراهق أو مراهقة يحمل الهاتف في يده طوال الوقت، يتفاعل عبر التطبيقات، يضحك على المقاطع القصيرة، ويجيب على عشرات الرسائل، لكنه لا يرد حين يرن الهاتف.

هذا السلوك، الذي يثير استغراب الأهل وربما قلقهم، يكشف عن تحولات عميقة في طريقة تفكير الجيل الجديد وتواصله مع العالم.

لغة جديدة للتواصل
جيل “زد” (مواليد منتصف التسعينيات حتى مطلع الألفية الجديدة) لا يستخدم الهاتف كما يفعل الكبار. المكالمة الصوتية لم تعد وسيلة التواصل الأساسية، بل استثناءً يُستخدم فقط في الحالات الطارئة أو الضرورية.

أما التواصل اليومي، فيتم عبر الرسائل النصية، أو تسجيلات الصوت القصيرة، أو محادثات “سناب شات” و”واتساب” و”إنستغرام”.
ويشير الخبراء إلى أن السبب لا يتعلق بالكسل أو اللامبالاة، بل بالرغبة في التحكم. فالمكالمة تتطلب حضورًا واستجابة فورية، وحديثًا عفويًا لا يمكن التراجع عنه، بينما تمنح الرسائل النصية مساحة آمنة لتعديل الكلمات أو تأجيل الرد.

فوبيا الهاتف لدى الجيل “زد”
تقول الدكتورة سحر طلعت، معالجة بيوديناميكية متخصصة في علاج الصدمات النفسية: “الخوف من المكالمات الصوتية، أو فوبيا الرد على الهاتف، يُعد أحد أشكال الرهاب الاجتماعي، إذ يشعر المصاب بأن وجوده في موقف تواصلي مباشر يعرضه للحكم أو النقد، فيميل إلى العزلة وتقليص تواصله إلى الحد الأدنى”.

وتضيف: “مع الثورة الرقمية، أصبح لدى المراهقين بيئة مثالية لتجنب المكالمات، إذ توفر الرسائل النصية إمكانية التواصل الآمن دون مواجهة مباشرة، مما يقلل من الخوف من الخطأ أو الظهور بصورة غير مناسبة”.
بين السيطرة والخوف من العفوية
ترى الدكتورة سحر أن الاتصال الهاتفي يتطلب تفاعلاً لحظيًا، بينما تمنح الرسائل شعورًا بالتحكم والأمان النفسي، وهو ما يفضله كثير من المراهقين في عالم مليء بالضغوط والمقارنات الاجتماعية.

وتحذر من أن الاعتماد المفرط على الرسائل في مواقف إنسانية مثل العزاء أو التهاني قد يحرمنا من دفء الصوت الإنساني والتفاعل الحقيقي، الذي لا يمكن للرموز التعبيرية تعويضه.

خطوات للتغلب على فوبيا الهاتف
تنصح الدكتورة سحر الأهالي بعدم الضغط على أبنائهم، معتبرة أن تجنب المكالمات “انعكاس طبيعي لعصر سريع التغيير وليس ضعفًا في الشخصية”. وتوصي بتجربة مكالمات قصيرة مع أشخاص مريحين، وممارسة تمارين التنفس والهدوء قبل الرد، لتعزيز الثبات النفسي.

“حقّ الصمت” في زمن التواصل
في عالمٍ بات فيه الجميع “متاحين دائمًا”، أصبح الصمت نوعًا من المقاومة، ويعتبره المراهقون وسيلة للحفاظ على الخصوصية.
تقول زهرة شلبي، فتاة في الـ16 من عمرها: “أحيانًا أترك الهاتف على الوضع الصامت فقط لأحصل على بعض السلام”.

في نهاية المطاف، يؤكد الخبراء أن الصوت البشري ودفء التفاعل الواقعي لا يمكن استبداله بإشعار أو رسالة، وأن إعادة التوازن بين الرسائل والمكالمات الصوتية هي مفتاح التواصل الأهدأ والأكثر وعيًا.

Share This Article