الحذاء المفقود

2 د للقراءة
2 د للقراءة
الحذاء المفقود

صراحة نيوز-بقلم: جهاد مساعده
ليست المشكلة في الحذاء، بل في الرأس الذي فوقه.
كلُّ جمعةٍ يتكرّر المشهد نفسه: أحذيةٌ مبعثرةٌ أمام أبواب المساجد، ورفوفٌ تنتظر من يتذكّر أنها لم تُوضع للزينة.
يُصلّي الناس صفوفًا متراصّة، أكتافًا متلاصقة، ثم ما إن يُقال: “السلام عليكم”، حتى تنهار مظاهر النظام عند الباب.
هذا المشهد الصغير يكشف خللًا كبيرًا في الوعي؛ ثقافةً تربط العبادة بالمظهر وتنسى أن السلوك هو جوهر الإيمان.
أمّةٌ تُتقن أداء الفريضة، لكنها تُخفق في ممارسة النظام الذي هو روحها.
نحفظ “النظافة من الإيمان”، لكننا نحصرها في الثياب لا في السلوك، في المناسبات لا في العادات.
ومن المؤسف أن من بين هؤلاء من يعتلون المنصّات بخطبٍ رنّانةٍ ينتقدون فيها الدولة، بينما يعجزون عن ترتيب تفاصيلهم الصغيرة.
ولو نطق الحذاء لقال: كفى كلامًا عن الوطن… وابدأ بتهذيب نفسك أولًا!
في الزوايا كؤوسُ ماءٍ فارغة، وتزاحمٌ عند الأبواب، ووجوهٌ تبحث عن أحذيةٍ ضاعت وسط أكوام الفوضى.
ولعلّ طفلًا صغيرًا يفتّش عن حذائه، يرفع رأسه متسائلًا:
لماذا نُصلّي بخطٍّ مستقيم، ونعيش بخطوطٍ متعرّجة؟
تتكرر الفوضى كل أسبوع، كأننا نعيد التجربة نفسها منتظرين نتيجة مختلفة.
القضية ليست في المظهر، بل في المعنى،
ولا في الطقوس، بل في الوعي الذي يربط العبادة بالحياة.
فالإيمان لا يُختبر في السجود، بل في السلوك، ولا يُقاس بعلوّ الصوت، بل بصدق الفعل.
المشهد لا يدعو إلى السخرية، بل إلى الخجل.
خجلٌ صامتٌ كالحذاء المفقود… بلا وعيٍ ولا اتجاه.

Share This Article