كيف تزيد ثقافة “الرجولة الصامتة” الأعباء النفسية على الرجال

3 د للقراءة
3 د للقراءة
كيف تزيد ثقافة "الرجولة الصامتة" الأعباء النفسية على الرجال

صراحة نيوز- تفرض القواعد التقليدية للرجولة على الرجل عدم التعبير عن مشاعره، ما يجعل التكتم معيارًا للرجولة والقوة، لكنها في الواقع تزيد الأعباء النفسية وتؤثر على صحته النفسية. هذه الثقافة المتوارثة عبر الأجيال تجعل الرجل أسير معتقدات خاطئة، وترتبط بارتفاع معدلات الانتحار بين الرجال مقارنة بالنساء، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، كما هو واضح في لبنان بعد الأزمات المتكررة وظروف الحرب.

تشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أن شخصًا ينتحر كل 40 ثانية حول العالم. ورغم أن النساء يظهرن سلوكًا انتحاريًا أكثر من الرجال، إلا أن معدلات الانتحار الفعلية أعلى بين الرجال، بمعدل رجل واحد مقابل كل أربع نساء. ويعود ذلك جزئيًا إلى ثقافة كبت المشاعر والضغوط النفسية، التي تمنع الرجال من طلب المساعدة، مما يزيد من خطر الاكتئاب والانتحار.

في مجتمعاتنا الشرقية، تربى الأولاد على الصلابة وتجنب إظهار الضعف أو البكاء، ما يعزز لديهم فكرة أن التعبير عن المشاعر ضعف وعيب، ويزيد الأعباء النفسية مع تراكم المسؤوليات العائلية والاجتماعية. وفقًا للطبيب النفسي أنطوان شرتوني، هذا النمط التربوي يولد كبتًا نفسيًا قد يؤدي إلى اضطرابات واكتئاب وأفكار انتحارية، خصوصًا في حال تعرض الرجل لضغوط شديدة.

يُظهر السلوك اليومي أن الأولاد أقل ميلًا للتعبير عن مشاعرهم مقارنة بالفتيات، إذ يميلون لتفريغ طاقاتهم عبر اللعب البدني، بينما تشجع الألعاب الخاصة بالفتيات التعبير عن المشاعر بالكلام أو التمثيل. هذه الفروقات تترسخ في العقل منذ الطفولة وتزيد من الأعباء النفسية على الرجل مستقبلاً.

تشير الدراسات إلى أن الرجال الذين يطلبون المساعدة النفسية يفعلون ذلك بخجل، بينما النساء أكثر قدرة على التعبير واللجوء للخبراء النفسيين. لذلك، تُركز الحملات التوعوية الحديثة على تشجيع الرجال على التعبير عن مشاعرهم وطلب المساعدة دون خجل، مع نقل هذه المفاهيم للأطفال لضمان صحة نفسية أفضل مستقبلاً.

في لبنان، زادت الأزمات المتعددة من الضغوط على الرجال، خصوصًا الذين يتحملون مسؤولية الأسرة، ما أدى إلى ارتفاع معدلات الاكتئاب والانتحار. وفق أرقام قوى الأمن الداخلي، سجّل في الأشهر الأولى من 2025 ارتفاع بنسبة 20٪ في حالات الانتحار مقارنة بالماضي. وتبقى الروابط العائلية مصدر دعم مهم، إذ يمكن أن تساعد الرجل على التعبير عن معاناته بشكل أسهل مقارنة باللجوء إلى الدعم النفسي المتخصص.

Share This Article