صراحة نيوز- افتتح وزير الثقافة مصطفى الرواشدة، اليوم السبت، فعاليات المؤتمر السنوي الثاني لدارة الشعراء الأردنيين “دورة الشاعر الراحل عبدالمنعم الرفاعي”، الذي أقيم في المركز الثقافي الملكي، بمشاركة عربية.
وأشار الرواشدة، في كلمة ألقاها خلال حفل افتتاح المؤتمر الذي اختار شخصية دورته الشاعر محمد سمحان، إلى أن الشاعر الرفاعي ما يزال حيا بيننا من خلال نشيد العلم الذي كتبه في نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي، ومن خلال قصائد مشهورة مثل “أيها الساري” و”الشهيد”، إضافة إلى ديوانه الذي حمل عنوان “المسافر”، ولم يكن مدونة لحياته فحسب، بل سجلا وشهادة للوطن.
وثمن وزير الثقافة عناوين الجلسات التي تتناول مفردات تتصل بتحولات العصر ولغته، ووظيفة الشعر ودوره في العالم المعاصر وتاريخه ومستقبل الإنسانية، مشيرا إلى أن هذه المفردات تشكل مفاصل مهمة للمشهد الثقافي والشعري العربي، بدءا من تأطير الموضوع الشعري وقضاياه، مرورا بالهيئات الثقافية والموروث الشعري، وأزمات الشكل والمضمون، والشعر العربي في الفضاء الرقمي، وصولا إلى مستقبل الشعر العربي.
وأكد أن هذه العناوين تحمل أسئلة مهمة، خصوصا في اللحظة العربية الراهنة التي ينفتح فيها المشهد على قطاع غزة لنشهد صور الدمار والقتل والمحو بعد أن سكتت المدافع.
وذكر بموقف الأردن القومي والعروبي من العدوان على غزة، وموقف جلالة الملك عبدالله الثاني، حامل شرف الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، بإدانته للحرب العدوانية، ودعوته إلى إيقاف آلة القتل، ورفضه للتهجير من الضفة الغربية أو غزة، ودعمه لكل الجهود التي من شأنها استمرار الجهد الإغاثي والإنساني الذي يقوم به الأردن لأهل غزة.
وقال الرواشدة، في الحفل الذي حضره وزير الثقافة الأسبق الأديب الدكتور صلاح جرار، ونائب رئيس رابطة الكتاب الأردنيين الباحث الدكتور رياض ياسين، إن الشعر العربي قديما كان يمثل “ديوان العرب”، بمعنى أنه احتوى على معارفهم وعلومهم وقيمهم ومناسباتهم، وأساليب معاشهم، وطريقة معرفتهم للوجود.
وأضاف في حفل افتتاح المؤتمر الذي سيستمر لـ3 أيام، ويتضمن جلسات مؤتمر نقدي وأمسيات شعرية، أن تطور المعرفة والتخصص وتنوع الحقول الإبداعية والحوار الثقافي ضمن منظومة المعرفة الإنسانية، جعل دور الشعر أعمق في تمثله لنداءات الروح مقابل صلابة العالم المادي وتوحشه، وفي تجسيد معنى الهوية، وتدوين رواية الإنسان والمكان في الفضاء الكوني الذي نزع عن الأشياء دلالتها وخصوصيتها وإنسانيتها.
من جهته، ألقى رئيس دارة الشعراء، الشاعر تيسير الشماسين، كلمة في الحفل الذي قدمته الشاعرة الدكتورة وفاء جعبور، قدم خلالها شكره لوزارة الثقافة على ما توفره من دعم للدارة على مختلف المستويات، كما شكر إدارة مهرجان جرش للثقافة والفنون على دعم الدارة وإشراكها في فعاليات المهرجان بدورتيه العام الماضي والعام الحالي.
بدوره، أعرب الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب ورئيس النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر الدكتور علاء عبد الهادي، عن سعادته وجوده في هذا المؤتمر، بصحبة عدد وازن من الشعراء والنقاد في الأردن، موطن الجمال ومعهد القصيد.
وقال إن المؤتمر يأتي في ظرف عربي يسود فيه الالتباس ويعلو فيه صوت المحتل الإسرائيلي ويمتد في ظله، مؤكدا باسم الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب ثبات رؤية المثقف العربي إلى القضية الفلسطينية بصفتها القضية المركزية التي تأتي على رأس القضايا العربية قاطبة.
ونوه بأن هذا المؤتمر يعد لبنة من لبنات كثيرة تسهم في إقامة وعي المواطن العربي وثقافة الحوار والجمال وتشييد الانتماء في زمن الالتباس، حيث يصبح الحفاظ على ثوابت الضمير الثقافي العربي مهدا لأي انتماء ووعي ثقافي حقيقي، وفي مقدمة هذه الثوابت القضية الفلسطينية.
وأشار إلى أن الشعر هو طاقة التجديد الكامنة في أية لغة، والتي لا يكتشفها أو يستدعيها في حضورها الآخاذ إلا الشاعر، مشيرا إلى أن هناك الكثير من يكتبون الشعر، لكن الشعراء قلة كما كانوا على مر التاريخ.
من جانبه، أشار رئيس اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين الشاعر عليان العدوان، إلى التعاون القائم بين الاتحاد والدارة، منوها بأن الدارة تضم مجموعة من الشعراء الأردنيين الذين يعتز بهم الاتحاد.
وقدم الشاعر محمد سمحان، شكره للدارة على اختيارها له شخصية هذا المؤتمر، مشيدا بجهود الدارة في إعلاء قيمة الشعر ورعاية الشعراء.
وألقى قصيدة وجدانية من الشعر العمودي بعنوان “بعد الثمانين”.
وفي ختام حفل الافتتاح، كرم الوزير الرواشدة، يرافقه الشاعر الشماسين، شخصية المؤتمر الشاعر سمحان بدرع الدارة، كما كرم بدرع الدارة عددا من الشخصيات الداعمة.
وكانت الفعاليات استهلت بأولى جلسات المؤتمر التي أدارها الأديب الدكتور صلاح جرار، وحملت عنوان “تأطير المشهد الشعري”، وشارك فيها الدكتور علاء عبد الهادي، بورقة بعنوان “تحولات الشعر العربي بين الكلاسيكية والحداثة وما بعدها – الكتلة النصية والتفات النوع الشعري”، والشاعر والناقد العراقي الدكتور وليد صراف، بورقة بعنوان “ملامح المشهد الشعري العربي: الاتجاهات والمدارس والتيارات”، والشاعر والناقد الدكتور عطا الله الحجايا، بورقة معنونة بـ”السياقات السياسية والاجتماعية وأثرها في التجربة الشعرية”.
وفي الجلسة الثانية التي حملت عنوان “الهيئات الثقافية والموروث الشعري” وأدارها الباحث الدكتور رياض ياسين، شارك فيها الباحث عاقل الخوالدة، بورقة بعنوان “مبادرات رسمية وأهلية في صون التراث الشعري وتوثيقه”، والقاص والباحث الدكتور مخلد بركات، بورقة بعنوان “ترويج الشعر في برامج النشر والمهرجانات والجوائز”، والباحثة الإماراتية الدكتورة فاطمة الصايغ بورقة معنونة بـ”تحديات المؤسسات الثقافية في نقل الموروث الشعري إلى الأجيال القادمة”.