أنشيلوتي في مهبّ العاصفة.. هل فقد سحر السامبا؟

10 د للقراءة
10 د للقراءة
أنشيلوتي في مهبّ العاصفة.. هل فقد سحر السامبا؟

صراحة نيوز- «ليس كل شيء على ما يرام، عندما يخسر الفريق، نشعر بالانزعاج، وهذا أمر طبيعي، أنا لا أحب الخسارة، وكذلك اللاعبون، وعلينا أن نتعلم من هذه الهزيمة، كما نفعل دائما في كرة القدم، حتى حدوث خطأ فابريزيو برونو في الهدف الأول، كانت المباراة تحت سيطرتنا إلى حد كبير، بعد ذلك، انهار الفريق ذهنيا، وهذا كان الخطأ الأكبر، ولا أعتقد أن الشوط الثاني كان سيئًا في مجمله، لكن الخطأ أثر بشكل كبير على تركيز اللاعبين»، بهذه الكلمات التي تفوح منها رائحة التبرير، حاول المدرب الإيطالي الشهير كارلو أنشيلوتي، امتصاص غضب الجماهير البرازيلية، بعد الهزيمة المفاجئة التي تعرض لها منتخب السيليساو على يد نظيره الياباني، في ودية الأسبوع الماضي التي جمعتهما في العاصمة اليابانية طوكيو الأسبوع الماضي ضمن أجندة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لشهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أو ما وصفها الإعلام الياباني بالريمونتادا التاريخية، التي شهدت عودة الساموراي من بعيد، من بعد تأخره في النتيجة بثنائية نظيفة في الشوط الأول، إلى انتصار غير مسبوق على السامبا بثلاثية مقابل اثنين، كأول فوز يحققه المنتخب الياباني في تاريخ مواجهاته المباشرة مع أبطال العالم 5 مرات من قبل، الأمر الذي تسبب بشكل أو بآخر في إثارة الشكوك حول مستقبله مع المنتخب البرازيلي، أو بالأحرى المشروع المستقبلي الذي جاء من أجله، ليكون أول مدرب أجنبي للسحرة منذ زمن بعيد، والسؤال الذي يراود عشاق السيليساو في كل أرجاء العالم وما أكثرهم هو: كيف يُعيد الميستر كارليتو سحر السامبا المفقود في المرحلة القادمة؟ هذا ما سجيب عليه التقرير الآتي.

الإمبراطورية الجديدة

لا يُخفى على أحد، أن المنتخب البرازيلي، بصم على واحدة من أسوأ التصفيات المونديالية في تاريخيه، بإنهاء التصفيات في المركز الخامس برصيد 28 نقطة، بفارق الأهداف فقط عن منتخب باراغواي، وحدث ذلك بعد سلسلة من النتائج والعروض الكارثية، منها التجرع من مرارة الهزيمة أمام الغريم الأزلي المنتخب الأرجنتيني في مباراتي الدور الأول والثاني، وبينهما هُزم أمام أوروغواي وكولومبيا وباراغواي وبوليفيا، وهو ما عجل برحيل المدرب دوريفال جونيور، ليأتي المدرب الإيطالي في مهمة إنقاذ عاجلة، وسط توقعات بأن يعيد إلى الأذهان ما حققه لويس فيليبي سكولاري مع جيل 2002، أو ما يُعرفون بإمبراطورية (R) رونالدو الظاهرة، ريفالدو، رونالدينيو، روبرتو كارلوس وريكاردو كاكا وباقي الأساطير، الذين عاشوا فترات مشابهة لوضع البرازيل الحالي، وربما أكثر تعقيدا، بمعاناة من أجل انتزاع المركز الرابع المؤهل لكأس العالم في كوريا الجنوبية واليابان، وعلى النقيض من أغلب التوقعات، بأن البرازيل لن تكون من المنافسين بقوة على اللقب العالمي، استنادا إلى نتائجها الكارثية في التصفيات، ظهر الوجه الحقيقي لرونالدو بعد أشهر قليلة من عودته من الإصابة التي أبعدته عن الملاعب أكثر من عام ميلادي، بالتزامن مع وصول ريفالدو إلى قمة النضوج الكروي، ورونالدينيو في بداية انتشار سحره في ملاعب كرة القدم، وهو ما جعل الجميع يحسد سكولاري على الجودة النادرة في خط هجومه الذي اكتسح كل خصومه في مبارياته السبع في أول مونديال يقام خارج أوروبا والأمريكتين، والآن يتمنى عشاق المنتخب البرازيلي تكراره مع مدرب ريال مدريد السابق، وسط حالة من الاتفاق بين أغلب النقاد والمتابعين في وطن ملوك اللعبة، أن كلمة السر تكمن في قدرة المدرب الإيطالي على تطويع المواهب المتفجرة في الثلث الأخير من الملعب لخدمة المنظومة الجماعية، تماما بالنسخة التي بدا عليها أمام كوريا الجنوبية، في المباراة التي بدت وكأنها من طرف واحد، بعد نجاح أصدقاء فينسيوس جونيور في حسمها بخماسية نظيفة مع الرأفة، قبل أن يستيقظ الميستر كارليتو ورجاله على كابوس «ريمونتادا» الكومبيوتر الياباني.

التوليفة السحرية

صحيح أن المنتخب البرازيلي، لا يملك في الوقت الحالي أسماء بنفس الجودة والإمكانيات التي كان يتمتع بها جيل «R» التاريخي، لكن في الوقت ذاته، يملك مجموعة من المواهب والجواهر اللامعة القادرة على تصدير المعنى الحرفي لـ«الإرهاب الكروي» لأي خط دفاع على هذا الكوكب، ووضح ذلك بعد ظهور تأثير نجم ريال مدريد رودريغو غوس، بعد عودته للمشاركة في التشكيل الأساسي، مقدما نفسه في صورة «روماريو العصر الجديد»، أو بلغة كرة القدم في مركز رقم (10.5)، كلاعب يجمع بين دور صانع الألعاب أمام ثنائي الهجوم، وبين المهاجم الحر الذي يسرق المدافعين بانطلاقاته المفاجئة في ظهر المدافعين، وذلك في نفس الوقت الذي يواصل فيه استيفاو تألقه، وبالمثل العائد بقوة على المستوى الدولي فينيسيوس جونيور، لكن ما زالت هناك معضلة في مشروع أنشيلوتي، وتكمن في غياب تأثير المهاجم الصريح رقم (9)، في ظل إخفاق الوافد الجديد على مانشستر يونايتد ماتيوس كونيا، في استغلال الفرصة الثمينة تلو الأخرى، مكتفيا بهز شباك الخصوم مرة واحدة في آخر 15 مباراة دولية بالقميص الأصفر، لكنه يلعب دور المهاجم المحطة، الذي يبذل كل ما في وسعه لخلخلة خط الدفاع، بهدف مساعدة زملائه القادمين من الخلف إلى الأمام، بتلك الطريقة التي قدم بها لفينيسيوس جونيور التمريرة السحرية التي أسفرت عن رصاصة الرحمة الخامسة في شباك كوريا الجنوبية، وربما يتعمد المدرب الإيطالي الاعتماد عليه في نفس المركز، أملا في محاكاة تجربة برشلونة في الفترة بين عامي 2010 و2016، حين حقق الفريق الكتالاني نجاحات غير مسبوقة بدون رأس حربة صريح، لكن هذا لا يعني أن كونيا، قد ضمن مكانه في القوام الرئيسي للسيليساو، في ظل الوفرة العددية المتاحة للمدرب في هذا المركز، متمثلة في أسماء من نوعية قناص نوتنغهام فوريست إيغور جيسوس، ومهاجم بورنموث إيفانيلسون، وكايو جورج مهاجم كروزيرو، وبيدرو مهاجم فلامنغو، وفيكتور روكي لاعب برشلونة السابق، الذي يعيش أفضل أوقاته مع بالميراس، وضحية الغالاكتيكوس في ريال مدريد، إندريك، المحتمل انفجاره في أي لحظة، في حال استعاد بريقه في النصف الثاني من الموسم، سواء مع تشابي ألونسو أو قرر الخروج الى أي ناد آخر على سبيل الإعارة في الميركاتو الشتوي.
أيضا في الخط الأمامي، سيتعين على مدرب ريال مدريد السابق، المفاضلة بين الوافد الجديد على تشلسي جواو بيدرو وبين غريمه في لندن ريشارليسون مهاجم توتنهام، إما أن يراهن على الشاب العشريني الذي استهل رحلته مع البلوز بأفضل طريقة ممكنة، راسما لنفسه صورة المهاجم العصري، الذي يعرف متى يتراجع إلى العمق، لخلق فرص ومساحات في ظهر المدافعين، وهو نفس الدور الذي يلعبه كونيا، لكن مع ذلك، قد يراهن أنشيلوتي على مهاجم السبيرز، الذي استعاد الكثير من مستواه المعروف عنه منذ وصول توماس فرانك إلى القيادة الفنية لملعب «توتنهام هوتسبر»، وبطبيعة الحال، إذا حافظ على توهجه مع الديوك، ستكون فرصة أكبر في حجز مكان في التشكيل الأساسي لمنتخب بلاده في المونديال، كلاعب مُصنف كواحد من أصحاب الخبرة الدولية، بتوقيعه على 20 هدفا من مشاركته في 58 مباراة بقميص منتخب بلاده. وهناك مفاضلة أخرى معقدة ينتظرها كارليتو، تكمن في الاستقرار على واحد من الثنائي استيفاو أو نيمار جونيور، لكن هذا سيتوقف على أداء المراهق البالغ من العمر 18 عاما ومدى تأثيره على الأداء والنتائج، آخرها تسجيل 3 أهداف من مشاركته في أول ثماني مباريات دولية، وذلك في الوقت الذي يكافح فيه نجم برشلونة وباريس سان جيرمان السابق، لاستعادة كامل لياقته البدنية والتخلص من لعنة الإصابات المتكررة، على أن يكون استيفاو، جزءا من ثلاثي لا يتمنى أحد الوقوف أمامه برفقة رافينيا وفينيسيوس أو رودريغو والمهاجم الصريح.

الخلل الوحيد

بوجه عام، لا توجد مشاكل فنية من شأنها أن تؤرق أنشيلوتي في اختياراته للتشكيلة التي سيراهن عليها لإعادة هيبة الملوك المفقودة في المونديال الأمريكي، بما في ذلك الخيارات الذهبية المتاحة في وسط الملعب، متمثلة في أسماء من نوعية ثنائي نيوكاسل يونايتد برونو غيماريش وجولينتون، ومتوسط ميدان وستهام لوكاس باكيتا، أو ربما يستفيد من خبرة كاسيميرو، برفقة الأسماء الواعدة أندري سانتوس وجواو غوميز، لكن المعضلة الحقيقية أو حجر العثرة، يكمن في غياب البديل الإستراتيجي لثنائي الدفاع إيدير ميليتاو وغابرييل ماغالاش، بعد الكوارث التي ارتكبها فابريزيو برونو أمام اليابان، بالتسبب في استقبال الشباك لهدفين في الشوط الثاني، لذا يحتاج أنشيلوتي، معالجة هذه الإشكالية قبل الاستقرار على الأسماء التي سيعتمد عليها في المونديال، أما غير ذلك، سيكون من الصعب الجدال أو الاختلاف على أن المدرب التاريخي لنادي ميلان وريال مدريد، من أفضل مدربي العالم في بناء عقلية الفوز أو إدارة غرف خلع الملابس المدججة بالنجوم والأسماء العالمية، بالأحرى واحد من القلائل الذين لديهم القدرة على كبح غرور وغطرسة النجوم الكبار، وتحويل ذلك إلى إبداع وخيال علمي على أرض الملعب، وسجله الحافل بالنجاحات والإنجازات في الكالتشيو والبريميرليغ والليغا ودوري أبطال أوروبا تتحدث عنه، وفي الغالب، لن يتفاجأ عالم كرة القدم، إذا قاد سحرة السامبا إلى النجمة الذهبية السادسة، أو على أقل تقدير سيعيد جزءا كبيرا من الهيبة التي تحاول البرازيل استعادتها منذ الليلة الظلماء، حين تحطم نيمار ورفاقه على يد الألمان بنتيجة 7-2 في نصف نهائي «ماراكانا» 2014، فهل يا ترى سينجح رهان الاتحاد البرازيلي على أنشيلوتي ويكون أول أجنبي يقود البلاد إلى كأس العالم؟ أم أن الهزيمة الأخيرة أمام اليابان ستكون لها عواقب وخيمة في المستقبل؟ دعونا ننتظر لنر ما سيحدث.

Share This Article