مبادرة للمصالحة بين الكلاب الضالة والمواطنين

2 د للقراءة
2 د للقراءة
مبادرة للمصالحة بين الكلاب الضالة والمواطنين

صراحة نيوز- بقلم.ماجد ابورمان
منذ أيام، وردتني رسائل من أصدقاء يسألون بدهشة: لماذا اعترضتَ على مبادرة معالي وزير الداخلية؟
وكان عليّ أن أشرح، وأفكّك الفكره قطعه قطعه وكأنني أشرح فلسفة أفلاطون في مدينةٍ لا تعرف إلا الحفر والمطبات.

لكن أحدهم اختصر الطريق كله بجملةٍ واحدة، قال لي ضاحكًا:
“يا رجل، بما أن الوزير محبّ للمبادرات… لماذا لا يكون هنالك مبادرة مصالحة بين الكلاب الضالة والمواطنين!”

ضحكت لوهله… ثم صمتّ.
فربما صديقي لم يكن يمزح تمامًا.
وسألت نفسي أليس نحن “رعايا” الدولة؟ أليست وزارة الداخلية مسؤولة عن أمننا وأماننا — نحن والممتلكات والكلاب معًا؟
إذن ما الذي يمنع من مبادرةٍ كهذه؟

ونحن في بلد تُطلق فيه المبادرات كما تُطلق الألعاب النارية في المناسبات: تبهج للحظة، وتترك بعدها دخانًا كثيفًا يغطي السماء.
بلادٌ صار فيها العرس والعزاء سواء، والوجبة الرسمية بينهما إمّا منسفآ أو”كي أف سي” على عجل.
بلادٌ تبحث عن المبادرة كما يبحث العطشان عن سراب، لا عن ماء.
ما يضيرنا
ربما آن الأوان لنبدأ من تحت… من الأرصفة والطرقات…
من الكلاب الضالة التي تطارد الأطفال، ومن المواطنين الذين تطاردهم الأسعار، ومن الخوف والجوع الذي يسكن الطرفين.
فلنصالح بين الكلب والمواطن أولًا، قبل أن نحلم بمصالحةٍ أكبر — بين الحكومة والشعب، بين الخطاب والواقع، بين القول والفعل.

أما أنا، فلا أعترض على المبادرات.
أنا فقط أكره أن تتحوّل إلى أوراق خطيّة تُمرَّر إلى الحكّام الإداريين، يوقّع عليها المواطن بالإكراه الناعم، ليُقال بعد ذلك إن المبادرة نجحت، وإن الأصوات الناقدة نشاز.
هكذا يصبح “الإصلاح” مجرد عرضٍ تجريبي في مسرحٍ مغلق، والحضور فيه من الموظفين فقط.

نعم، نحن نريد إصلاحًا حقيقيًا، لا مبادرات بلون اليافطات وشعارات الكاميرات.
نريد فعلًا يشبهنا، لا صورة تُشبه إعلانًا حكوميًا باهتًا.
نريد دولة تصالح أولًا ما في شوارعها، قبل أن تصالح ما في خطاباتها.
#ماجدـابورمان

Share This Article