صراحة نيوز- بقلم رزان الكعابنة
في البداية، شكراً لجلالة سيدنا الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، حفظه الله ورعاه، على جهوده الإنسانية والدبلوماسية في وقف إطلاق النار في قطاع غزة المنكوب.
شكراً لأن صوتك صدح بالحق في كل المحافل والمنابر العالمية، وشكراً لأنك جعلتنا نرفع رؤوسنا ونفتخر بك ونقول بصوت ثابت: إنك قائدنا الذي نباهي به العالم.
تداول نشطاءُ وسائلِ التواصلِ الاجتماعي خبرًا من إحدى الصحف العبرية، ذكرت فيه أن جلالة الملك عبدالله الثاني هو الزعيم الذي أوجع إسرائيل أكثر من غيره خلال حرب غزة. وهذا إن دلّ على شيءٍ واحد، فإنه يدل على الدور العظيم الذي قام به جلالته في هذه الحرب الخبيثة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، ومارست خلالها أبشع أنواع القتل والتشريد والتجويع وضرب المستشفيات وأماكن النزوح. فقد أظهرت حكومة نتنياهو وجهها الحقيقي القبيح، وجعلت العالم بأسره يتحدث عن ظلمهم وعدوانهم الغاشم.
بدأت الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية منذ عام 1924م، حين بايع أهالي فلسطين المغفور له الشريف الحسين بن علي بالوصاية، نظراً لمكانته وزعامته السياسية والدينية، وباعتباره خليفةً وقائداً للأمة. ثم توالت هذه الوصاية من المؤسس إلى المعزز، حاملةً معها إنجازاتٍ هاشميةً عظيمةً كتبت سطوراً من العز والفكر والحرية والعروبة والقومية، والتي جسّدت فكر الهاشميين ونهجهم في الدفاع عن القدس وفلسطين وحق الشعب الفلسطيني في أرضه، وعبّرت عن ارتباطهم الفكري والعقائدي والروحي بمسرى جدهم رسولنا وحبيبنا وسيدنا وشفيعنا النبي محمد ﷺ.
لم يتوقف دور الهاشميين، ولم يقتصر صوتهم على القضية الفلسطينية فقط، بل صدح صوتهم بالحق في جميع قضايا الأمة العربية والإسلامية، وحتى على صعيد شعوب العالم، وفي كل المناطق التي تعرضت لأي نوعٍ من أنواع الحرب أو القتل أو الكوارث الطبيعية. فقد وصل صوت الهاشميين وترجمت إنسانيتهم عن طريق قوات حفظ السلام، التي أوصلت رسالة الهاشميين والشعب الأردني بأكمل وجه، وبأسمى معاني الإنسانية.
لقد تركت قوات حفظ السلام الدولية أثراً عظيماً جعل من الجيش العربي الأردني جيش السلاح والإنسانية معاً، جيشاً يُعتمد عليه، جيشاً ذاع صيته في جميع أنحاء العالم، وجعل منه منارةً للحق والعدل، ومثالاً يُحتذى به بين الجيوش العربية والعالمية.
ومنذ اندلاع حرب غزة في ذلك التاريخ المشؤوم، كان الملك عبدالله الثاني الزعيم العربي الذي بادر بالدفاع عن حقوق الفلسطينيين في أرضهم، وعن التزامه بوصايته الهاشمية، متحدثاً عن هذا الشعب الذي رأى وعاش الظلم فقط لأنه طالب بحقه.
كان جلالته، على الصعيد الإنساني، أول زعيم عربي يكسر الحصار عن أهل غزة بإسقاط المساعدات الإنسانية، وكان على متن إحدى هذه الطائرات في خطوةٍ جريئةٍ غير آبهٍ بحياته في سبيل تقديم أي مساعدة ممكنة.
ولم تتوقف جهوده عند هذا الحد، بل واصل جهوده الإنسانية بإطلاق العديد من المبادرات الطبية، وإرسال مستشفيات ميدانية بجميع التخصصات إلى قطاع غزة. ورافقت هذه الجهود العظيمة جهودٌ دبلوماسية وسياسية غير مسبوقة، أوصل بها جلالته رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي حول انتقائيته في التعامل مع حرب غزة، وأن هذا المجتمع الذي رفع شعارات حقوق الإنسان، نسي أن يطبقها على الشعب الفلسطيني، الذي رأى الأطفال فيه يبكون من الجوع، والمستشفيات تُقصف دون أي حراك.
في أحد لقاءات جلالته، أعرب عن سعادته باستحداث وسيلة لإيصال المساعدات إلى قطاع غزة، إذ استخدم الجيش الأردني الإنزال الجوي لأول مرة، وأوضح جلالته أن الجيش عمل على دراسة واستخدام أفضل المظلات لإيصال المساعدات بشكل آمن. وقال جلالته إنه، وبالرغم من شكر أهالي القطاع، إلا أنه يعلم عندما ينظر في أعينهم أن ذلك غير كافٍ.
وقد أتت هذه الجهود بالفائدة المرجوة، فيا مليكي، جعلتَ من الأردن ومن سلاح الجو الملكي الأردني محطّ ثقة لكل دولة شاركت في عمليات الإنزال الجوي.
ولم يقتصر دورك هنا فقط، بل لأنك تؤمن بأهمية التعليم وحق كل طالبٍ في الحصول على أفضل تعليم، أطلقت حملة أردنية للإغاثة، وحققت الطالبة سلمى النعامي المركز الأول في الثانوية العامة، حيث مُنحت منحة كاملة على حساب المملكة الأردنية الهاشمية للدراسة في أي جامعة داخل غزة.
كما شملت مبادرتك معالجة ألفي طفلٍ غزّي، وقد عبّروا عن امتنانهم لجلالة سيدنا الملك عبدالله الثاني بكل حبٍّ وتقديرٍ وإجلال.
لن أستطيع أن أحصي دور الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، لأن ما يفعله الأردن، ولو جلست ألف سنة أكتب، لن يكفي.
وقد عرّج جلالته في كل خطاباته واجتماعاته على أن المجتمع الدولي فقد أخلاقه وإنسانيته، وأصبحت الإنسانية معياراً انتقائياً.
لم يتوقف جلالته حتى نال الشعب الفلسطيني أخيراً حقه في وقف إطلاق النار، واعتراف معظم دول العالم بدولة فلسطين العربية التاريخية.
وعلى الرغم من أن جلالته صرّح بأنه لا يثق بحكومة نتنياهو، إلا أنه يؤمن بأن هناك أشخاصاً يسعون إلى السلام والرحمة، ويريدون إنهاء هذه المعاناة.
في كل زيارةٍ لك إلى أحد الرؤساء، ندعو الله أن يوفقك ويسدد خطاك، وأن يجعل جهودك مباركة.
وفي كل مغادرةٍ لك البلاد، ترافقك قلوب الأردنيين تحرسك وتحميك، شاكرين لك هذا الفخر والاعتزاز الذي تقدمه لنا.
شكراً لك سيدنا،
وأتمنى لو أنني أستطيع أن أقدم لك هذا الشكر مباشرةً لترى الفخر على وجهي، لتعرف أننا نعتز بك، يا سيد العرب، يا قائد الإنسانية.
الكاتبة: رزان الكعابنة
21/ 10/ 2025