صراحة نيوز-كشف مسؤولو وزارة الصحة عن مراجعة أكثر من 14500 حالة عقر حيوانات تلقت العلاج في المراكز الصحية والمستشفيات الحكومية، خلال العامين الماضيين، منها 5412 حالة لأطفال دون سن 15 عامًا، توزعت بين 3242 حالة عام 2024 و2170 حالة حتى بداية 2025، في حين تجاوزت الحالات بين من تزيد أعمارهم على 15 عامًا 9089 حالة خلال الفترة نفسها، فيما رجحت تقارير وصول أعداد الكلاب الضالة في العاصمة عمان وحدها إلى 200 ألف.
وأشار تقرير صدر عن المركز الوطني لمكافحة الأوبئة للعام 2024، أن أكثر من 80 % من حالات العقر التي تم تسجيلها في الأردن خلال العام الماضي نجمت عن عقر الكلاب تحديدا، ما يبرز حجم التحدي الصحي الكبير الذي تشكله هذه الظاهرة على المجتمع.
وأصدر المركز الوطني لحقوق الإنسان في تقريره الأخير، إحصاءات جديدة تتعلق بحالات العقر للكلاب والتي زادت العام الماضي عن 9 آلاف مقابل قرابة 7 آلاف في 2023، مع التأكيد أن الظاهرة في ازدياد.
وناقش المشاركون في الجلسة الأثر الكبير لانتشار الكلاب الضالة على حقوق الإنسان، وخصوصًا حق الصحة والسلامة التي يكفلها الدستور والمواثيق الدولية، مؤكدين أن التعرض لحوادث العقر من الحيوانات وخاصة الكلاب الضالة يشكل انتهاكًا مباشرًا لهذا الحق، ويهدد جودة حياة المواطنين، لا سيما الأطفال الذين هم الأكثر عرضة لهذه المخاطر، فيما تم تأكيد حق رعاية الحيوان ومنع قتله وفق التشريعات الأردنية.
قضايا تمس المجتمع
وأشار المفوض العام للمركز، جمال الشمايلة في كلمته الترحيبية إلى أن ظاهرة الكلاب الضالة في الفترة الأخيرة أصبحت من القضايا التي تمس المجتمع بشكل مباشر، فهي لا تشكل مجرد تحدٍ صحي أو بيئي فحسب، بل تمس جوهر حقوق الإنسان، لا سيما الأطفال وذوي الإعاقة وكبار السن، كما تؤثر على الحق في التعليم، وعلى الحق في التنقل والعمل عندما يصبح الخوف من الاعتداءات عائقًا أمام الحياة اليومية، كما أكد أهمية هذه الجلسة في تعزيز حالة حقوق الإنسان وحمايته من أي انتهاكات.
وخلال اللقاء الذي أدارته الدكتورة نهلا المومني، مفوضة الحماية، أكدت أن المركز، وفي إطار ولايته العامة، يعمل دومًا على تعزيز النهج التشاركي، والعمل مع الجهات كافة وصولًا إلى توصيات محددة وعملية وقابلة للتنفيذ، آخذًا بعين الاعتبار شمولية الطرح ومعالجة هذه الظاهرة بنهج قائم على حقوق الإنسان، وبما يضمن حماية حقوق الأفراد من أي انتهاكات، وفي الوقت ذاته إيجاد حلول متوازنة بهذا الإطار.
وأشارت المومني إلى أن المركز تنبّه مبكرًا لهذه الظاهرة وخاطب الجهات ذات العلاقة، كما سلّط التقرير السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة الضوء على هذه المسألة، وكشف التقرير الأخير لعام 2024 عن ازدياد في عدد حالات عقر الكلاب، مؤكدةً أن هذه الجلسة المتخصصة تأتي استكمالًا لجهود المركز في هذا السياق.
توصيات شاملة
وخلص المشاركون خلال الجلسة النقاشية إلى عددٍ من التوصيات التي ستتم مخاطبة الجهات ذات العلاقة بها ومتابعتها في إطار نهجٍ تشاركي وتكاملي وتنسيقي، لغايات حماية وتعزيز حقوق الإنسان، كما سيتم تضمين مخرجات هذه الجلسة في التقرير السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان للعام المقبل.
وقدم ممثلو الجهات المشاركة شرحًا مفصلًا للأدوار المنوطة بكل جهة في مواجهة هذه الظاهرة، مؤكدين أن المنهجية العالمية المتبعة تعتمد على التعقيم والتطعيم ثم إعادة الكلاب إلى أماكنها الطبيعية، باعتبارها الطريقة الأكثر فاعلية وحقوقية.
وشدد ممثلو وزارة التربية والتعليم على ضرورة تعزيز الشراكة والتعاون بين الوزارة والجهات المعنية لحماية الأطفال أثناء تنقلهم من وإلى المدارس، من خلال برامج توعية وتنسيق مستمر، وضمان نقل الطلبة الى مدارسهم في المناطق التي يزداد فيها انتشار الكلاب الضالة خاصة النائية.
وأبرز ممثلو وزارة الإدارة المحلية وأمانة عمان الكبرى مسؤولياتهم في تنفيذ الحملات الميدانية، ومتابعة خطط مكافحة الكلاب الضالة، بالتنسيق مع وزارة الزراعة ونقابة الأطباء البيطريين، اللتين تضطلعان بدور رئيسي في تنفيذ عمليات التعقيم والتطعيم والإدارة البيطرية للحيوانات، مع تأكيد ضرورة زيادة التنسيق مع النقابة والجهات المعنية.
وانتهى الحضور إلى مجموعة من التوصيات المهمة التي تستهدف الحد من انتشار الكلاب الضالة والتخفيف من مخاطرها، من أبرزها وضع إستراتيجية وطنية شاملة لإدارة النفايات، باعتبار أن تراكم المخلفات في المناطق السكنية يعد من العوامل التي تجذب الكلاب الضالة إليها.
كما أكدت التوصيات ضرورة تكثيف حملات التوعية المجتمعية التي تركز على تغيير سلوكيات إطعام الحيوانات في المناطق السكنية، لما لذلك من أثر سلبي على زيادة أعداد الكلاب.
وشددت على ضرورة تخصيص موازنات مالية كافية ومستدامة لدعم جهود التعقيم والتطعيم، فضلاً عن تخصيص أراضٍ مناسبة خارج محافظة العاصمة لاستيعاب الكلاب الضالة بعيدًا عن المناطق السكنية، حيث تعمل وزارة الإدارة المحلية حاليًا على تأمين ما لا يقل عن 19 قطعة أرض لهذا الغرض، ضمن خطة منظمة تهدف إلى احتواء الكلاب بطريقة إنسانية وعلمية تحفظ التوازن بين حماية السكان والحيوانات.
تعزيز التنسيق بين المعنيين
وفي سياق متصل، قدمت دراسة تقديرية خلال الجلسة أظهرت وجود ما يقارب 200 ألف كلب ضال في مناطق محافظة العاصمة فقط، وذلك اعتمادًا على مؤشرات ودراسات أجريت في دول مجاورة ذات ظروف مماثلة، ما يعكس حجم التحدي الكبير الذي يواجهه الأردن في التعامل مع هذه الظاهرة.
وختمت الجلسة بدعوة واضحة إلى تعزيز التنسيق والتعاون بين كافة الجهات الحكومية والمجتمع المدني لوضع وتنفيذ خطة عمل وطنية شاملة تركز على حماية المواطنين، وبالأخص الأطفال، من مخاطر الكلاب الضالة، مع السعي إلى خلق بيئة آمنة وصحية تراعي حقوق الإنسان وتحافظ على التوازن البيئي.
وأكد المركز الوطني لحقوق الإنسان أن معالجة ظاهرة الكلاب الضالة تتطلب تضافر جهود الجميع، من خلال تبني سياسات واضحة ومدروسة تنفذ بمهنية وباحترام للحقوق البيطرية والإنسانية، لضمان حماية المجتمع وتحقيق السلامة الصحية والبيئية على حد سواء.