صراحة نيوز- بقلم المحامي حسام العجوري
البرلمان الأردني في دورة انتخابية تبدو على السطح عملية انتخابية عادية لرئاسة مجلس النواب ، لكن خلف الكواليس تُحاك صفقات وتحركات تُشبه لعبة الشطرنج السياسي ، حيث كل خطوة محسوبة، وكل انسحاب يُحدث تأثيرًا مدروسًا على مسار المنافسة .
في الأيام الأخيرة، شهدنا انسحاب النائب علي الخلايلة عن الترشح لرئاسة المجلس لصالح النائب مازن القاضي، لتتبعها خطوة مشابهة للنائب مصطفى الخصاونة، الذي أعلن أيضًا انسحابه لصالح القاضي، في مشهد أعلن عنه رسميًا على أنه دعم لوحدة الصف البرلماني والتوافق النيابي .
لكن الواقع، كما تشير مصادر سياسية مطلعة، مختلف تمامًا عن الصورة الرسمية: هذه الانسحابات لم تكن مجرد قرارات فردية مبنية على المسؤولية الوطنية ، بل جزء من تحركات دقيقة بين الكتل النيابية والأحزاب ، لضمان خروج المرشح الذي تريده القوى الفاعلة على طاولة القرار. كل انسحاب، وكل توافق، هو خطوة محسوبة، تُبقي على التوازنات السياسية داخل المجلس ، وتضمن استمرار نفوذ بعض الأطراف على مراكز القوة ، بعيدًا عن برامج وخطط لخدمة المواطن والوطن .
اللافت أن هذه التحركات تجري في “غرف مغلقة” ، في منازل النواب واجتماعات سرية ، بعيدًا عن أعين المواطنين ، في حين تُروّج رسميًا بأنها توافق وطني وروح الفريق الواحد.
صندوق الاقتراع والمنافسة الحرة يتحولان إلى مجرد ديكور لمسرحية سياسية، بينما تُدار اللعبة الحقيقية على طاولة الشطرنج، حيث كل كتلة، وكل نائب، له مكانه وحركته المحسوبة مسبقًا.
السؤال الأهم: من يتحكم في هذه الطاولة؟ يبدو أن القوى الأكثر تنظيماً داخل الكتل الحزبية والنواب المؤثرين هي من تحدد الخطوة التالية، ويصبح القرار الفردي للنواب مجرد جزء من خريطة أكبر لا يظهر إلا عندما تُسدل الستائر على المسرحية .
الديمقراطية الحقيقية ليست مجرد انسحاب محسوب أو توافق إعلامي، بل هي حرية القرار، وممارسة شفافة للمسؤولية، وصندوق اقتراع يعكس إرادة النواب والمواطنين على حد سواء. أما ما يحدث اليوم ، فهو تذكير بأن المشهد السياسي في المجلس يشبه لعبة شطرنج معقدة، حيث يختبئ اللاعب الأقوى خلف الستار، ويدير الحركة من وراء الكواليس.
حتى يحين يوم تُستعاد فيه شفافية الانتخابات الداخلية، يبقى المواطن والمراقب السياسي أكثر المتفرجين وقلقًا على مصداقية الديمقراطية في أعلى هيئة تشريعية في البلاد .