صراحة نيوز- بحث شيخ الأزهر أحمد الطيب مع رئيس هيئة الأركان البرية الباكستانية المشير عاصم منير سُبل تعزيز التعاون بين الأزهر وباكستان.
وأعرب شيخ الأزهر عن اعتزازه بالعلاقة المتميزة التي تربط الأزهر بباكستان، واصفًا إياها بأنها “دولة عزيزة على قلوب المسلمين”، مشيرًا إلى الذكريات العزيزة التي يحتفظ بها من الفترة التي قضاها أستاذًا في جامعة إسلام آباد لمدة عام، حيث وجد الشعب الباكستاني “شعبًا صديقًا وقويًّا ومنتجًا، يسعى لتعزيز ثقته بمنتجاته وصناعاته المحلية”.
وأوضح أن الأزهر يستقبل حاليًّا 254 طالبًا باكستانيًّا يدرسون في مختلف المراحل التعليمية، من بينهم 162 طالبًا على منح دراسية كاملة يقدمها الأزهر لأبناء باكستان، مؤكدًا أن المؤسسة تخصص 30 منحة جديدة سنويًّا، واستعدادها لزيادة هذا العدد بما يلبّي احتياجات الشعب الباكستاني، وبما يسهم في ترسيخ السلم المجتمعي ونشر ثقافة التعايش الإيجابي وقبول الآخر.
كما أكّد شيخ الأزهر استعداد الأزهر لإنشاء مركز لتعليم اللغة العربية في باكستان؛ خدمةً لأبنائها في تعلّم لغة القرآن الكريم، فضلًا عن استقبال وفود جديدة من أئمة باكستان للتدريب في الأكاديمية العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ التابعة للأزهر، لصقل مهاراتهم في تفنيد الحجج التي تستخدمها الجماعات المتطرفة لتشويه صورة الإسلام.
وفي سياق الحديث عن مواجهة الفكر المتطرف، شدّد الإمام الأكبر على أن الأزهر “لا يدخر جهدًا” في مكافحة هذا الفكر الذي يستخدم أحدث الوسائل التكنولوجية لاختراق خصوصيات الشباب المسلم داخل منازلهم، دون رقابة.
وأشار إلى الدور الكبير الذي يضطلع به العلماء والمفكرون المسلمون في كشف انحرافات الجماعات الإرهابية وسوء تأويلها للنصوص الدينية، سواء القرآنية أو النبوية، مؤكدًا أن نشر هذا الفكر المتطرف لا يتم في فراغ، بل بدعم من دول وكيانات عالمية مموَّلة تسعى إلى إضعاف الجسد الإسلامي، وتشتيت تركيزه عن مهام التقدم والإنتاج، وإبعاده عن تبوُّء موقعه اللائق في النظام العالمي الجديد.
كما تطرّق فضيلته إلى معاناة العالم الإسلامي من الفرقة والتشتت، مشيرًا إلى الصراعات الداخلية التي تجتاح العديد من الدول الإسلامية، ومستشهدًا بالحديث النبوي الشريف: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار».
ولفت إلى أن أطراف هذه الصراعات “يحفظون الحديث عن ظهر قلب، لكن لا مجال لتنفيذه بسبب طغيان الاعتبارات السياسية وتغليب المصالح الضيقة على المصالح العليا المتمثلة في لمّ شمل الأمة وتحقيق التضامن الإسلامي”.
وأشار شيخ الأزهر إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الحفاظ على السلم المجتمعي أولوية قصوى بعد هجرته إلى المدينة، حيث واجه مجتمعًا متناثرًا ومتصارعًا بين يهود ومشركين وأنصار، فكان أول أعماله المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، ووضع “دستور المدينة” الذي جمع بين المسلمين وغيرهم، تحقيقًا للاستقرار الذي لا يمكن بدونه بناء مجتمع قوي ومزدهر.
من جانبه، عبّر المشير عاصم منير عن سعادته بلقاء شيخ الأزهر، ونوّه بالتقدير الكبير الذي تحظى به جهود فضيلته في دعم قضايا الأمة الإسلامية وتصحيح صورة الإسلام. كما أشاد بالدور الريادي للأزهر في نشر قيم الأخوة والتعايش، مشيرًا إلى أن العالم الإسلامي يواجه تحديات خطيرة، أبرزها انتشار الجماعات المتطرفة التي تحاول تحريف النصوص لتبرير العنف وتشويه سماحة الإسلام، مؤكدًا أن “الإسلام دين تسامح وسلام”.
وأكّد رئيس هيئة الأركان البرية الباكستانية حرص بلاده على الاستفادة من خبرات الأزهر في مواجهة الفكر المتطرف، لا سيما عبر تدريب أئمة باكستان في الأكاديمية العالمية للأزهر، مقدرًا مقترح شيخ الأزهر بزيادة المنح الدراسية وإنشاء مركز لتعليم اللغة العربية في باكستان.
وفي ختام اللقاء، وجّه المشير عاصم منير دعوة رسمية لفضيلة الإمام الأكبر لزيارة باكستان، مشيرًا إلى أن الشعب الباكستاني “يعشق شيخ الأزهر وينتظر زيارته بشغف كبير”. ورحّب فضيلته بالدعوة، قائلًا: “أنا أحب أن أزور باكستان، فهي بلد عزيز على قلبي، وأحتفظ لها بالكثير من الذكريات التي أود استعادتها حينما أزورها مرة أخرى”.