نظام الاستقطاب يستقطب الموظفين لا المبدعين

2 د للقراءة
2 د للقراءة
نظام الاستقطاب يستقطب الموظفين لا المبدعين

صراحة نيوز- بقلم عدي أبو مرخية
عند إطلاق نظام الاستقطاب الخارجي، ساد شعور بالتفاؤل لدى شريحة واسعة من الشباب الأردني، باعتباره خطوة إصلاحية تسهم في تسريع التوظيف بعيدًا عن الانتظار الطويل في قوائم ديوان الخدمة المدنية. فالنظام، وفق ما أُعلن عنه، يقوم على مبدأ المنافسة المفتوحة، حيث يُتاح لأي متقدم تنطبق عليه الشروط أن ينافس بعدالة على الوظيفة. وهي فكرة إيجابية من حيث المبدأ، تعزز مبدأ الكفاءة وتحد من الواسطة والمحسوبية.
إلا أن التطبيق العملي كشف عن ثغرات تحدّ من عدالته، أبرزها شرط الخبرة الموثقة بالضمان الاجتماعي والمصدّقة من وزارة العمل. فالكثير من الوظائف المعلنة تشترط سنوات محددة من الخبرة، لكن هذه الخبرة لا تُحتسب ما لم يكن المتقدم موظفًا رسميًا أو مشتركًا في الضمان الاجتماعي. وهذا الشرط يُقصي فئة واسعة من أصحاب الخبرة الفعلية الذين عملوا لسنوات في مجالاتهم عبر مشاريع مستقلة أو عقود حرة دون اشتراك رسمي في الضمان.
وتبدو المشكلة أكثر وضوحًا في المهن الإبداعية، مثل الإعلام والتصميم والإنتاج الرقمي، إذ لا يمكن قياس الخبرة فيها بالأوراق الرسمية وحدها، بل بمدى الكفاءة والقدرة على الإنجاز. ومع ذلك، يتجاهل النظام هذا الجانب، ويقيس الخبرة بمسطرة جامدة لا تعترف إلا بالوظائف التقليدية.
أما ما يتعلق بشروط التقدير الجامعي، فاشتراط معدلات محددة مثل “امتياز” أو “جيد جدًا” يبدو أمرًا غير منطقي، لأن الكفاءة في الميدان لا تُقاس بالمعدل، بل بالقدرات العملية والإبداعية ومهارات التواصل.
وتثير بعض الإعلانات الوظيفية بدورها علامات استفهام، إذ تُصاغ بشروط دقيقة تشمل العمر ونوع الدورات وحتى التقدير الجامعي، مما يثير الشكوك حول ما إذا كانت بعض الوظائف مفصّلة على مقاس أشخاص محددين وُعِدوا بها مسبقًا.
إن إعادة النظر في نظام الاستقطاب باتت ضرورة ملحة، فالنظام الحالي – وإن حمل نوايا إصلاحية – يكرّس مفهوم “الوظيفة للموظف” لا “الفرصة للمبدع”، ويعيد إنتاج فكرة أن الخبرة تُقاس بالأوراق لا بالإنجاز. وهو ما يجعل من شعار العدالة في التوظيف مجرد عنوان جميل يفتقر إلى مضمون فعلي.

Share This Article