من ثلاجات الاحتلال إلى حضن غزة… أجساد الشهداء تحكي جريمة العصر

5 د للقراءة
5 د للقراءة
من ثلاجات الاحتلال إلى حضن غزة… أجساد الشهداء تحكي جريمة العصر

صراحة نيوز- هبة الجوارنة

جريمة جديدة تضاف إلى سجل الاحتلال الدموي.
الاحتلال يعيد جثامين الشهداء الفلسطينيين بعد أشهرٍ من احتجازهم، وغزة تفتح ملفًّا جديدًا لجرائم الحرب الإسرائيلية أمام العالم، في جريمةٍ تفوق كل مقاييس الإجرام؛ شهداء مشوّهون وأجساد محشّوة بالقطن!

في مشهدٍ يفطر القلوب ويهزّ الضمائر، أعاد جيش الاحتلال الإسرائيلي 165 شهيدًا فلسطينيًا إلى قطاع غزة في ظلّ صفقة وقف إطلاق النار الحالية، لكن الفاجعة لم تتوقف عند إستلام الجثامين، بل بدأت عند التعرف عليهم.

تفاجأ الطاقم الطبي في مستشفيات القطاع عند استلام الجثامين بأن أجساد الشهداء لم تكن كما غادرت الأرض التي ارتقوا فيها؛ فمعظمهم تعرّض للحرق والتعصيب والإعدام رميًا بالرصاص، فيما وُجدت بعض الجثامين محشّوة بالقطن بعد أن فُقدت منها أعضاءٌ حيوية. تقارير وشهادات أولية تحدّثت عن سرقة أعضاء داخلية من بعض الجثامين، في جريمةٍ تمسّ حرمة الموتى وتكشف وجه الاحتلال الذي لا يعرف حدودًا للانتهاك.

أطباء فلسطينيون أكدوا أنّ بعض الجثامين كانت تحمل آثار خياطةٍ جراحية واضحة في مناطق الصدر والبطن، ما يشير إلى تدخلٍ بشري بعد الاستشهاد، الأمر الذي يثير تساؤلاتٍ أخلاقية وإنسانية حول استغلال الاحتلال لأجساد الشهداء لأغراضٍ طبية أو تجريبية في السوق السوداء!

في مشهدٍ مهيب، تجمّعت عائلات الشهداء لاستقبال أبنائهم الذين عادوا في أكفانٍ بيضاء بلا ملامح. أمّهاتٌ بكين بصمتٍ حين رأين أن أبناءهن لم يعودوا كما كانوا، وأن أجسادهم الطاهرة عُبثت بها بعد الموت. تقول والدة أحد الشهداء بصوتٍ متهدّج؛ “أعادوا لي ابني جسدًا بلا قلب… سرقوه حيًا وقتلوه مرتين.”

هذا المشهد ترك أثرًا عميقًا في ذاكرة الشعب الفلسطيني، الذي يرى في هذه الجريمة حلقةً جديدة من حلقات التنكيل بالفلسطينيين حتى بعد استشهادهم.

أصدرت وزارة الصحة في غزة بيانًا أدانت فيه الجريمة بأشد العبارات، مؤكدةً أن ما جرى “انتهاك صارخ لكل الأعراف الدولية والإنسانية”، وداعيةً المنظمات الحقوقية الدولية إلى إرسال لجان تحقيقٍ مستقلة لكشف الحقيقة ومحاسبة المتورطين.

ومن جهتها، طالبت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بفتح تحقيقٍ دولي فوري، مشيرةً إلى أن إسرائيل تمتلك سجلًا أسود في احتجاز الجثامين وسرقة الأعضاء منذ عقود.

أما على المستوى الدولي، فقد أعربت منظمات حقوقية أوروبية عن صدمتها من التقارير الواردة من غزة، معتبرةً أن “العبث بأجساد الموتى يمثل جريمة حرب”، بينما اكتفى المتحدث باسم الأمم المتحدة بدعوة “جميع الأطراف إلى احترام القانون الدولي الإنساني”، وهو تعبيرٌ يُعدّ بحدّ ذاته تواطؤًا بالصمت تجاه كل ما هو فلسطيني.

من الناحية السياسية، يفتح هذا الملف الباب أمام مساءلةٍ دولية حقيقية حول سياسة احتجاز الجثامين التي ينتهجها الاحتلال منذ سنوات، إذ ما زال يحتجز مئات الجثامين في ما يُسمّى بـ“مقابر الأرقام” أو في ثلاجاتٍ سرّية. ويرى مراقبون أن إعادة الجثامين بهذه الحالة الوحشية تضع العالم أمام اختبارٍ أخلاقي جديد؛ فهل ستبقى جرائم الحرب الإسرائيلية تلوّح في الأفق والصمت سيد الموقف؟ أم آن الأوان لمحاسبة الاحتلال على انتهاكاته الممنهجة لحرمة الأحياء والأموات معًا؟

ما حدث لا يقتصر على سرقة أعضاء، بل هو اغتيالٌ للكرامة الإنسانية. فالاحتلال لم يكتف بإزهاق الأرواح وإلقاء أطنان المتفجرات على مساحةٍ صغيرة، بل امتدّت يده لتعبث بما تبقّى من أجساد الفلسطينيين، في مشهدٍ يذكّر بجرائم النازية وتجاربها على الأسرى، في مفارقةٍ مؤلمة؛ إذ تدّعي إسرائيل أنها ضحية النازية، لكنها اليوم تمارس نازية العصر بحق الفلسطينيين.

هذه الجريمة يجب أن تُوثَّق وتُرفع أمام المحاكم الدولية، لتبقى شاهدًا على أن الاحتلال تجاوز كل القوانين والأعراف الدولية والإقليمية.

فالجريمة ليست طبية فحسب، بل جريمةٌ منهجية يستعملها الاحتلال للقضاء على الوجود الفلسطيني وإخماد المقاومة بكل أشكالها. ولا يزال الاحتلال يواصل أفعاله الإجرامية التي بدأت بسرقة الأرض ولم تكتفي بقدر ذلك وتوجهت لسرقة الأعضاء، في ظلّ غياب القوانين الرادعة.

إنّ حماية حرمة الموتى ليست رفاهيةً أخلاقية، بل التزامٌ قانوني وإنساني راسخ في المواثيق العالمية لحقوق الإنسان. وعلى المجتمع الدولي أن يتحرك فورًا لتوثيق الجريمة وفتح تحقيقٍ شفاف ومحاسبة كل المتورطين، لتكون هذه الحادثة الأخيرة التي يُسمح فيها للدولة المحتلة بتجاوز الخطوط الحمراء دون عقابٍ رادعٍ وردٍّ لحق الشعب الفلسطيني.

Share This Article