صراحة نيوز- ابراهيم قبيلات
على الهواء مباشرة، تُدغدغ الغرائز في حوارات لم نكن نظنها سابقا تدار إلا في خصوصية غرف النوم.
الآن، صرنا نسمعها في قنوات وإذاعات تبثها علانية، دون أن نكاد نجد صوتا مستنكرا.
إنها عملية “تعهير” للمجتمعات تجري بأفضل ما يمكن أن يثلج صدر إبليس.
لقد حفروا لنا على مدى سنوات قنوات صرف صحي لتسلك فيها أخلاقنا دروب الخراب، فسلكنا فيها جميعا.
المسألة تتجاوز الأمن القومي، بل إنها أبعد من أن تكون أزمة اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية بحتة. نحن أمام إفساد شامل يطيح بكل شيء، ولاشك أن له تداعياته الوخيمة على المدى البعيد.
الجميع يغرق في هذا المستنقع، ولا يستثنى أحد؛ لا البريء، ولا الشريك، ولا الصامت.
أما مروجو هذا “العهر” فهم في تيه مستمر. بدأ الأمر ببيع الأعراض والقيم مقابل حفنة من “الإعجابات” والمتابعين، ثم تمدد. وها هي مؤسسات إعلامية ترسخ لهذه الثقافة، حيث يسقط الإعلام في فخ الإثارة الرخيصة سعيا وراء ضغطة زر جديدة أو نسبة مشاهدة عابرة، وإن كانت مشمئزة.
ما نشهده في بعض البرامج الإذاعية المباشرة هو طفرة غير مسبوقة في تحطيم كرامة المجتمع. ما كان بالأمس القريب يعد همسا سريا أو نقاشا خاصا للزوجين، أصبح اليوم يُبث بصوت عال على الملأ. لقد انتقلت “غرف النوم” بكل تفاصيلها الحميمة إلى الشارع، وصارت مادة يُنتظر من المستمعين أن يضحكوا على “خفة دم” المتصل أو المذيع.
المشهد يتجاوز كونه استعراضا سطحيا يغذي الفضول السلبي ويحول العلاقات الإنسانية إلى مادة ترفيهية رخيصة.
إنه عملية إفساد منهجية ستُحدث طوفانا يغرق الجميع أو يحطم الكل.
إذاعات الغرف المغلقة.. حين يسقط الإعلام في فخ الإثارة الرخيصة

