الأمن الوطني الذي صار عقيدةَ الخوف

2 د للقراءة
2 د للقراءة
الأمن الوطني الذي صار عقيدةَ الخوف

صراحة نيوز-بقلم ماجد ابورمان

قرأت نص محاضرة وزير الداخلية عن “الأمن الوطني”،في أحدى المواقع الإخبارية وتحت عنوان للخبر
“وزير الداخليه يطلب من الشباب أن لا يكونوا عبئ على الوطن”
فشعرت أنني أمام درسٍ في كيفية تحويل الخوف إلى فلسفة حكم، والأمن إلى سلعةٍ تباع بكلفةٍ باهظة، كأن الوطن مشروعٌ استثماريٌّ لا عقدٌ اجتماعيّ.
تحدّث الوزير عن الأمن باعتباره “أهم استثمارٍ للدولة”، متناسيًا أن الاستثمار الحقيقي هو في الإنسان، لا في ضبطه. فالبلاد التي تُنفق على الكاميرات أكثر مما تُنفق على العدل، تزرع الرعب لا الأمان.

ما زال الخطاب الرسمي يدور حول ذات المعزوفة:
إقليمٌ ملتهب، حدودٌ مهددة، بطالةٌ وفقر، ومسؤوليةٌ مشتركة بين الأجهزة والمجتمع.
لكن السؤال الذي لا يطرحه أحد: من الذي خلق كلّ هذا الاضطراب الداخلي حتى بات الاستقرار معجزةً؟

يريدون من المواطن أن “يعي”، وكأن الوعي هو المشكلة لا غياب الصدق.
يحدثون الشباب عن “خلق الفرص”، وهم يعلمون أن الفرص تُوزّع بالمحاباة وتُصنع بالولاء.
يطالبونهم بألّا يكونوا عبئًا، وكأنهم هم من بدّدوا الثروات وأغرقوا الوطن بالديون!

الأمن الوطني لا يُبنى بالخوف، بل بالثقة.
ولا يتحقق بالسيطرة، بل بالعدل.
فالدولة التي تحتاج أن تذكّر مواطنيها كل يوم بأنها تحميهم، هي في الحقيقة تخاف منهم.
والنسيج الوطني لا يتماسك بالمواعظ، بل حين يرى المواطن في وجه الدولة مرآةً لكرامته لا سوطًا لرقبته.

ما لم يدركه الوزير، أن الأردني لم يفقد وعيه، بل فقد ثقته بمن يزعم أنه يوعّيه.
وأن الخطر على الأمن لا يأتي من الخارج، بل من الداخل حين يُستبدل الفكر بالأوامر، والكرامة بالمنّة، والانتماء بالصبر القسري.

أيها الوزير، إن الاستقرار الذي تتغنّى به ليس من صنع خطابك، بل من صبر الناس الذين حملوا الدولة على أكتافهم وهم يعلمون أنها تنكر أسماءهم في قوائمها.
وإن أكبر تهديدٍ للأمن ليس تهريب المخدرات، بل تهريب الحقيقة من بين سطور المحاضرات

فالأمن الذي لا يحرس العدالة، لا يحرس الوطن.
والدولة التي تقدّس الاستقرار أكثر من الإنسان، سرعان ما تخسر كليهما.

Share This Article